يتم التشغيل بواسطة Blogger.
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسة الكتاب المقدس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسة الكتاب المقدس. إظهار كافة الرسائل

كل يوم هندرس اصحاح من الكتاب المقدس تفسير سفر صموئيل الاول الاصحاح الرابع والعشرون

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  8:16 ص
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

صموئيل الاول 24 - تفسير سفر صموئيل أول





الآيات (1-22):-
و لما رجع شاول من وراء الفلسطينيين اخبروه قائلين هوذا داود في بريةعين جدي. فاخذ شاول ثلاثة آلاف رجل منتخبين من جميع إسرائيل وذهب يطلب داود ورجاله على صخور الوعول. وجاء إلى صير الغنم التي في الطريق وكان هناك كهف فدخل شاول لكي يغطي رجليه وداود ورجاله كانوا جلوسا في مغابن الكهف. فقال رجال داود له هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هانذا ادفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك فقام داود وقطع طرف جبة شاول سرا. وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على قطعه طرف جبة شاول. فقال لرجاله حاشا لي من قبل الرب أن اعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب فامد يدي اليه لانه مسيح الرب هو. فوبخ داود رجاله بالكلام ولم يدعهم يقومون على شاول واما شاول فقام من الكهف وذهب في طريقه. ثم قام داود بعد ذلك وخرج من الكهف ونادى وراء شاول قائلًا يا سيدي الملك ولما التفت شاول إلى ورائه خر داود على وجهه إلى الأرض وسجد.و قال داود لشاول لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب اذيتك.هوذا قد رات عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف وقيل لي أن اقتلك ولكنني اشفقت عليك وقلت لا امد يدي إلى سيدي لانه مسيح الرب هو. فانظر يا ابي انظر أيضًا طرف جبتك بيدي فمن قطعي طرف جبتك وعدم قتلي اياك اعلم وانظر أنه ليس في يدي شر ولا جرم و لم اخطئ اليك وانت تصيد نفسي لتاخذها. يقضي الرب بيني وبينك وينتقم لي الرب منك ولكن يدي لا تكون عليك. كما يقول مثل القدماء من الأشرار يخرج شر و لكن يدي لا تكون عليك. وراء من خرج ملك إسرائيل وراء من أنت مطارد وراء كلب ميت وراء برغوث واحد. فيكون الرب الديان ويقضي بيني وبينك ويرى و يحاكم محاكمتي وينقذني من يدك.فلما فرغ داود من التكلم بهذا الكلام إلى شاول قال شاول اهذا صوتك يا ابني داود ورفع شاول صوته وبكى. ثم قال لداود انت ابر مني لانك جازيتني خيرا وأنا جازيتك شرا. وقد اظهرت اليوم أنك عملت بي خيرا لأن الرب قد دفعني بيدك ولم تقتلني.فاذا وجد رجل عدوه فهل يطلقه في طريق خير فالرب يجازيك خيرا عما فعلته لي اليوم هذا. والان فاني علمت أنك تكون ملكا وتثبت بيدك مملكة إسرائيل. فاحلف لي الآن بالرب أنك لا تقطع نسلي من بعدي ولا تبيد اسمي من بيت ابي. فحلف داود لشاول ثم ذهب شاول الى بيته واما داود ورجاله فصعدوا إلى الحصن.
عاد شاول من مطاردته للفلسطينيين وعاد ليطارد داود المختبئ في عين جدي والاسم يعنى صخور الوعول وهي صخور وعرة لا يقدر أحد أن يصل إليها سوى الوعول البرية والماعز الجبلى لذلك سميت هكذا. وتحمل شاول كل هذه المشاق لحقده على داود. وجاء إلى صير الغنم= وهي حظيرة غنم أو معزى يقيمها الرعاة عند باب كهف لإيواء الغنم في المطر والبرد. ودخل شاول كهفًا كبيرًا ليغطى رجليه= تعبير مهذب للقول يتبرز وكان داود ورجاله في ذات الكهف. ورجال داود دفعوه لقتل شاول لكنه رفض. وحين دخل شاول كان لا يستطيع الإبصار لظلمة الكهف ولكن داود ورجاله في الداخل وقد اعتادوا الظلامرأوه وعرفوه. وشاول كان قد خلع جبته واكتفى داود بقطع جزء من جبة شاول [كما قطع شاول جبة صموئيل رمزًا لقطع المملكة عن شاول] وعظمة داود تجلت في موقفين 1- رفض أن يمد يده إلى مسيح الرب بالرغم من أن شاول يسعى لقتله مرات عديدة 2- اكتفى بقطع جزء من جبة شاول وحتى في هذه فإن قلب داود ضربه على ما فعله. وهذا يعنى أن قلبه لامهُ بشدة أنه قطع جزء من جبة شاول (حساسية روحية فائقة) وتعبير قلبه ضربه أن ضربات قلبه تزايدت بشدة. ثم لاحظ سجود داود للملك في اتضاع وكلامهُ المملوء اتضاع لملك مرفوض لأنه مسيح الرب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). [كثيرين يرفضون السجود للقديسين والأساقفة والبطريرك فماذا يقولون أمام هذا الموقف] والسجود هنا قطعًا توقير واحترام لمسحاء الرب وليس عبادة قطعًا. ولقد ارتفع داود في عيني الله والناس باتضاعه وفي (12) يقضى الرب بيني وبينك= هي أحسن ما يقولهُ المظلوم. وفي (14) كلب ميت= علامة للاحتقار.برغوث= علامة الضعف. ولكن مع كل هذا الاتضاع فقد أظهر داود شجاعته فهو خرج وراء الملك دون أن يهاب رمحهوسيفه أو جنوده. بل أظهر لهُ أنهُ هو الذي عفا عنهُ. لقد مارس داود المحبة الإنجيلية كما ينبغي. وأمام هذا الاتضاع انسحق الشيطان الذي في شاول فتصاغر شاول في عيني نفسه ودعا داود ابنه وبكى وشعر شاول بشره فقال أنت أبر منى بل أدرك أن الملك سيكون لداود وطلب الأمان لأولاده من داود. فالسلاح الرهيب الذي يهزم الشيطان هو الاتضاع كما حدث على الصليب.

كل يوم هندرس اصحاح من الكتاب المقدس تفسير سفر صموئيل الاول الاصحاح الثالث عشر

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  1:13 ص
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

صموئيل الاول 13 - تفسير سفر صموئيل أول





الآيات (1، 2):-
كان شاول ابن سنة في ملكه وملك سنتين على إسرائيل. واختار شاول لنفسه ثلاثة آلاف من إسرائيل فكان الفان مع شاول فيمخماس وفي جبل بيت ايل والف كان مع يوناثان في جبعة بنيامين واما بقية الشعب فارسلهم كل واحد إلى خيمته.
كن شاول ابن سنة حين ملك، وملك سنتين على إسرائيل: هكذا جاء النص العبري. والاحتمال الكبير إن هذه الآية تنتمي للإصحاح السابق بمعنى أن شاول أنهى حربه مع بنى عمون وتُوّج ملكًا للمرة الثانية (14:11) بعد سنة من مسحه بقنينة الدهن لأوّل مرة (1:10) ثم كلام صموئيل في الإصحاح السابق وشاول لهُ سنتين في الحكم. واختار شاول لنفسه 3000 من إسرائيل فكان 2000 مع شاول و1000 مع يوناثان: هذه الآية بينها وبين الآية (1) السابقة ليس أقل من 20 سنة انتشر فيها الفساد. وضعف جيش شاول وانصرف كل واحد إلى خيمته. وفيها كَبُر يوناثان فشاول كان شابًا وقت اختياره ملكًا (2:9) والآن نجد ابنه يوناثان يقود 1000 جندي ونجد هناك فارقًا كبيرًا بين شاول المنتصر وجيشه القوى أمام ناحاش وإسرائيل المنكسرة تمامًا التي لا تجد سلاح لجنودها (22:13) وهذا راجع بالتأكيد لانتشار الخطية وفساد الشعب وكبرياء شاول.

الآيات (3-7):-
و ضرب يوناثان نصب الفلسطينيين الذي في جبع فسمع الفلسطينيون وضرب شاول بالبوق في جميع الأرض قائلًا ليسمع العبرانيون. فسمع جميع إسرائيل قولا قد ضرب شاول نصب الفلسطينيين وأيضًا قد انتن إسرائيل لدى الفلسطينيين فاجتمع الشعب وراء شاول إلى الجلجال. وتجمع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل ثلاثون الف مركبة وستة آلاف فارس وشعب كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة و صعدوا ونزلوا في مخماسشرقي بيت اون. ولما راى رجال إسرائيل أنهم في ضنك لان الشعب تضايق اختبا الشعب في المغايروالغياض والصخور والصروح و الابار.و بعض العبرانيين عبروا الاردن إلى ارض جاد وجلعاد وكان شاول بعد في الجلجال وكل الشعب ارتعد وراءه.
نصب الفلسطينيين: سمعنا عن هذا في (5:10) فلماذا توجد هذه الحامية حتى الآن ولماذا ترك شاول هذا الجيب أو هذه البؤرة الصديدية في جسد إسرائيل (هذه تمثل خطية محبوبة لدى الإنسان يتركها ولا يحاربها فتكون سبب مشاكل في المستقبل) وشاول لاهتمامه بإغراءات مركزه نسى الحرب هذه العشرين سنة ولم يهتم بتطهير جبعة. وكان ابنه يوناثان الشاب أكثر حرارة منه فضرب هو هذه البؤرة أو هذه الحامية العسكرية وفي آية (4) ضرب شاول: الفعل ليوناثان وقد نسبه الناس لأبيه الملك أنتن إسرائيل: أي بعمله هذا جعل الأعداء يكرهوننا جدًا. والفلسطينيون حسبوا هذا مهانة لهم فصعدوا بأعداد ضخمة إلىمخماس. ولاحظ أن شاول كان في مخماس والآن تركها هو وجنوده لينضموا إلى يوناثان والآن صار الفلسطينيين في مخماسوشاول ويوناثان ورجالهم في الجلجال. وطبعًا صعود شاول إلى الجلجال سهّل مهمة الفلسطينيين في إحتلال مخماس. وربما قصد الفلسطينيين أن يضربوا شاول أولًا في مخماس ثم يستديروا ليضربوا يوناثان في الجلجال لكن شاول ترك مخماس وذهب للجلجال ربما ليساند يوناثان أو ليهرب من الفلسطينيين حينما رأى ضخامة أعدادهم. ولاحظ الحال الرديئة لجيش شاول وهربهم حتى أن عدد رجاله انخفض من 2000 إلى 600 آية (15) والخوف والرعدة سببهم ضعف إيمانهم أو فقدان إيمانهم وذلك راجع للفساد الذي انتشر.

الآيات (8-12):-
فمكث سبعة أيام حسب ميعاد صموئيل ولم يات صموئيل إلى الجلجال والشعب تفرق عنه. فقال شاول قدموا إلى المحرقة وذبائح السلامة فاصعد المحرقة. وكان لما انتهى من اصعاد المحرقة إذا صموئيل مقبل فخرج شاول للقائه ليباركه. فقال صموئيل ماذا فعلت فقال شاول لاني رأيت أن الشعب قد تفرق عني وانت لم تات في أيام الميعاد والفلسطينيون متجمعون فيمخماس. فقلت الآن ينزل الفلسطينيون إلى إلى الجلجال ولم اتضرع إلى وجه الرب فتجلدت واصعدت المحرقة.
يمكن تلخيص خطايا شاول من هذه الآيات فيما يلي:
1-عزم أن يقابل الفلسطينيين دون أن يستشير صموئيل أو يأخذ بركة منُه وقارن مع (7:11).
2-اغتصب الكهنوت وقدّم الذبيحة ولا كهنوت له. وهو لم يبعث برسول ليسأل عن صموئيل بل انتهز الفرصة وقدّم الذبيحة. ولنلاحظ أن الله لا يطلب الذبيحة بل الطاعة (مز51: 16، 17).
3- بل انطلق هو ليُسلّم على صموئيل ويبارك هو صموئيل.
4- وبخ صموئيل على تأخيره وحمله نتيجة أي خطأ ليظهر أنهُ هو غيور على شعب الله وصموئيل هو المخطئ.
5- هو لم يقم بواجبه كملك ويهيئ جيشه بأسلحة مناسبة (آية22) ثم يغتصب عمل الكهنوت.
6- حين أنبه صموئيل لم يبد أي ندم أو استعداد للتوبة بل كلمات عذره كانت عجيبة أنا كنت محتاج أن أتضرع إلى الرب: إذًا تقديم الذبيحة هي بالنسبة لهُ مجرد شكليات فبالنسبة لهُ كان يمكنه أن يصلى فقط. لكنه ظن المحرقة أشبه بحجاب يؤدى للنصر. بل قال البعض أن مذبح عظيم كالجلجال كان لابد من وجود كاهن لهُ لكن شاول لم يستدعِ هذا الكاهن مفضلًا أن يقوم هو بعمل الكهنوت. وقد غفر الله لداود خطايا أصعب من هذا لكن لشاول لم يغفر لسببين 1- واضح أن وراء كل هذه خطية كبرياء فظيعة. 2- داود كان دائمًا مستعد للتوبة والبكاء بتواضع شديد. فتجلدت: أي داس على ما بقى لهُ من ضمير يؤنبه على الخطأ. وفي آية(8) حسب ميعاد صموئيل وهذه مما تزيد خطاياه فصموئيل كان قد وَعَدَهُ أن يأتي ليصلى عَنْهُ ويقدم الذبيحة عَنْهُ.

الآيات (13، 14):-
فقال صموئيل لشاول قد انحمقت لم تحفظ وصية الرب الهك التي امرك بها لانه الان كان الرب قد ثبت مملكتك على إسرائيل إلى الأبد. واما الآن فمملكتك لا تقوم قد انتخب الرب لنفسه رجلا حسب قلبه وامره الرب أن يتراس على شعبه لانك لم تحفظ ما امرك به الرب.
آية (15):- عد شاول جيشه فكان 600 رجل.
كما سقط إبليس بسبب كبريائه سقطت مملكة شاول وأعطيت لداود رجلًا حسب قلبه. وقولِهِ قد ثبت مملكتك إلى الأبد: الله كان يعلم أنه سيخطئ وينزع مملكته عنهُ ويعطيها لداود وقد سبق يعقوب وتنبأ أن الملك ليهوذا. ولكن هذه تشبه أن آدم كان الله خلقه ليحيا إلى الأبد لكن بخطيته مات فأرسل الله المسيح الرجل الذي حسب قلبه، ابن داود ليملك إلى الأبد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالله سمح بإقامة شاول ليكتمل الرمز ونفهم خطة الله. بل شاول أيضًا كان يمثل إسرائيل التي ستفقد الملك ، بل ترفض نهائيا. ويملك يسوع المسيح روحيًا وليس جسديًا.

الآيات (16-18):-
و كان شاول ويوناثان ابنه والشعب الموجود معهما مقيمين في جبع بنيامين والفلسطينيون نزلوا فيمخماس. فخرج المخربون من محلة الفلسطينيين في ثلاث فرق الفرقة الواحدة توجهت في طريق عفرة إلى ارض شوعال.والفرقة الأخرى توجهت في طريق بيت حورون والفرقة الأخرى توجهت في طريق التخم المشرف على وادي صبوعيم نحو البرية.
إنحصر شاول ويوناثان في جبع بنيامين وحاصرهم الفلسطينيون إذ دخلوا إلى ممرات عجلون وبيت حورون بل امتدوا حتىمخماس. وصار يفصلهم عن شاول وادٍ ضيق عميق، وبهذا عزلوا شاول تمامًا. وفي (17) خرج المخربون: أي الناهبون وغايتهم إذلال إسرائيل ولعلهم قصدوا تهييج شاول ليخرج من أماكنه المحصنة وفي طريقهم أخذوا غنائم وخربوا الأرض. ولكن الله الرحيم لم يعطهم حكمة فلو نزلوا في البداية إلى الجلجال لضربوا شاول والـ 600 رجل الذين معهُ ويوناثان وبهذا يستولون على إسرائيل. ولكن الله يعمى أعداء الكنيسة عن طريق الضرر لشعبه. الله يؤدب فقط لكن لا يميت ويقطع كل علاقة مع شعبه لذلك سمح الله للمخربون أن ينهبوا فالشعب كله في حالة خطية.

الآيات (19-22):-
و لم يوجد صانع في كل ارض إسرائيل لأن الفلسطينيين قالوا لئلا يعمل العبرانيون سيفًا أو رمحاً. بل كان ينزل كل إسرائيل إلى الفلسطينيين لكي يحدد كل واحد سكته ومنجله وفاسه ومعوله. عندما كلت حدود السكك والمناجل و المثلثات الاسنان والفؤوس ولترويس المناسيس. وكان في يوم الحرب أنه لم يوجد سيف ولا رمح بيد جميع الشعب الذي مع شاول ومع يوناثان على أنه وجد مع شاول ويوناثان ابنه.
لقد أذل الفلسطينيون إسرائيل إذ لم يسمحوا بوجود صانع بينهم حتى لا يعملوا سيفًا ولا رمحًا. هي صورة مؤلمة لعمل الخطية في حياة الإنسان حينما يفقد إبليس الخاطئ أسلحته ويحطم كل طاقاته وإمكانياته ويحدره إلى الذل والمهانة. بنهاية هذا الإصحاح نجد إسرائيل في حالة منحطة تمامًا وفي منتهى الضعف. بدايات شاول كانت غير نهاياته. وهذه الحالة المزرية استمرت حتى جاء داود وأصلح الحال.

آية (23):-
و خرج حفظة الفلسطينيين إلى معبر مخماس.
حفظه الفلسطينيين: غالبًا هي حامية فلسطينية كانت وظيفتها مراقبة جيش شاول.

كل يوم هندرس اصحاح من الكتاب المقدس تفسير الاصحاح الحادى والثلاثون من سفر تثنيه

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  7:00 ص



شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

التثنية 31 - تفسير سفر التثنيه



آية1:-فذهب موسى وكلم بهذه الكلمات جميع إسرائيل.
فذهب = قد تعنى أنه ذهب فعلًا ليعلمهم حيثما كانوا يجتمعون عند خيمة الاجتماع بعد أن تقابل مع الله وأنبأه بخبر موته فكان هذا خطابه الوداعى

آية2:-و قال لهم انا اليوم ابن مئة وعشرين سنة لا استطيع الخروج والدخول بعد و الرب قد قال لي لا تعبر هذا الاردن.
لا أستطيع الخروج والدخول = ليس لأنه أصبح شيخًا فموسى لم تذهب نضارته أبدًا (تث7:34) وإنما هذا يعنى أن رسالته قد إنتهت وبدأ يشوع مهمته القيادية

آية3-6:-الرب الهك هو عابر قدامك هو يبيد هؤلاء الامم من قدامك فترثهم يشوع عابر قدامك كما قال الرب. ويفعل الرب بهم كما فعل بسيحون وعوج ملكي الاموريين اللذين اهلكهما وبارضهما. فمتى دفعهم الرب امامكم تفعلون بهم حسب كل الوصايا التي اوصيتكم بها. تشددوا وتشجعوا لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لان الرب الهك سائر معك لا يهملك ولا يتركك.
معنى الآية أن الله سيُحارب عنهم ويتقدمهم وهم يقتسمون الغنائم = فترثهم
يشوع عابر قدامك = يمثل هذا الخلافة الرسولية التي لا تنقطع حلقاتها في الكنيسة.

آية7، 8:-فدعا موسى يشوع وقال له امام اعين جميع إسرائيل تشدد وتشجع لانك انت تدخل مع هذا الشعب الأرض التي اقسم الرب لابائهم ان يعطيهم اياها وانت تقسمها لهم. والرب سائر امامك هو يكون معك لا يهملك ولا يتركك لا تخف ولا ترتعب.



St-Takla.org Image: Moses speaks to the children of Israel: Deuteronomy 31:1
صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى يكلم أولاد بنى إسرائيل: تثنية 31 :1كان حديث موسى ليشوع أمام أعين جميع إسرائيل لكي يقدم لهم قائدهم الجديد

آية9:-و كتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب و لجميع شيوخ إسرائيل.
سلم موسى التوراه للكهنة ولشيوخ الشعب لأنهم هم المسئولين عن تعليمها للشعب
حاملى تابوت عهد الرب = كان بنى قهات يحملون التابوت عادة أما الكهنة فيحملونه في المناسبات الهامة.

الآيات 11،10:-و امرهم موسى قائلا في نهاية السبع السنين في ميعاد سنة الابراء في عيد المظال.حينما يجيء جميع إسرائيل لكي يظهروا امام الرب الهك في المكان الذي يختاره تقرا هذه التوراة امام كل إسرائيل في مسامعهم.
كان الكهنة بهذا الأمر يقرأون التوراة كلها على مسامع الشعب في عيد المظال فى نهاية السبع سنين. غير أنهم كانوا يقسمون التوراة لفصول تقرأ على مدار السنة

آية12:-اجمع الشعب الرجال والنساء والاطفال والغريب الذي في ابوابك لكي يسمعوا و يتعلموا ان يتقوا الرب الهكم ويحرصوا ان يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة.
حينما يحضر الأطفال هذه المناسبات المقدسة ويتمتعوا برؤية طقوس العيد الحلوة تنقش هذه الصور في قلوبهم (2تى15:3)

آية13:-و أولادهم الذين لم يعرفوا يسمعون ويتعلمون ان يتقوا الرب الهكم كل الأيام التي تحيون فيها على الأرض التي انتم عابرون الاردن اليها لكي تمتلكوها.
لم يعرفوا = لأنهم صغار يسمعون ويتعلمون = لأنها ستنقش في أذهانهم.

آية15،14:و قال الرب لموسى هوذا ايامك قد قربت لكي تموت ادع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي اوصيه فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع. فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة.
ظهور الرب كان لإكرام موسى وتأييدًا ليشوع وليثق الشعب بحضور إلههم وسطهم

آية16-18:- و قال الرب لموسى ها انت ترقد مع ابائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء الهة الاجنبيين في الأرض التي هو داخل اليها فيما بينهم ويتركني وينكث عهدي الذي قطعته معه.فيشتعل غضبي عليه في ذلك اليوم واتركه واحجب وجهي عنه فيكون ماكله وتصيبه شرور كثيرة وشدائد حتى يقول في ذلك اليوم اما لان الهي ليس في وسطي اصابتني هذه الشرور.و انا احجب وجهي في ذلك اليوم لاجل جميع الشر الذي عمله اذ التفت إلى الهة اخرى.
فيكون مأكلة = أي لقمة سائغة لدى أعدائه... وأخيرًا يضطر للاعتراف أنه بسبب ذنبه فارقهم الله = إما لأن إلهى ليس في وسطى. هذا ما يردده كل خاطئ إذ يتخلى عنه الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فبدلًا من أن يقول أن الضربات بسبب خطيتى فأتوب، يتهم الله بأنه تركه لكن لماذا يتركنا الله؟ بسبب خطايانا

آية19:-فالان اكتبوا لانفسكم هذا النشيد وعلم بني إسرائيل اياه ضعه في افواههم لكي يكون لي هذا النشيد شاهدا على بني إسرائيل.
النشيد = أوحى الرب إلى عبده موسى بنشيد روحي هو المذكور في إصحاح 32
وهذا النشيد شاهد لله كما أنه شاهد على شعبه لأنه يُعلن عن مجد الله وعن إحساناته إلى شعبه وفي نفس الوقت عن طغيان شعبه وتنديد الرب بأعمالهم الشريرة ومعاقبتهم عليها. ولأن ليس كل واحد عنده الإمكانية لإقتناء كتب في ذلك الزمان بل ليس كل واحد قادر على الكتابة ولكن يسهل حفظ الأناشيد وترديدها وهكذا فعل صموئيل وداود وغيرهم من تحفيظ الشعب المزامير وهكذا تفعل الكنيسة في التراتيل والألحان.
وأنظر كم طريقة يستعملها الله حتى ينقش الشريعة على قلوب أولاده حتى يتبرر متى حوكم. فهناك الشريعة المكتوبة وهنا الشاهد المكلس المكتوب عليه الشريعة. وهم يقرأونها في مجامعهم دائمًا ويقرأونها مرة كل سبع سنوات في عيد المظال ويقرأونها في بيوتهم ويقولونها لأولادهم ويكتبونها على قوائم بيوتهم ويعلقونها على الحائط ويتكلمون بها في الطرق وهم يقفون لتلاوة البركات واللعنات عند جبل جرزيم وجبل عيبال وها هم يحفظون النشيد. فالله لا يترك نفسه بلا شاهد. هذا فضلًا عما تثيره الأناشيد من إنتعاش روحي

آية20:-لاني ادخلهم الأرض التي اقسمت لابائهم الفائضة لبنا وعسلا فياكلون و يشبعون ويسمنون ثم يلتفتون إلى الهة اخرى ويعبدونها ويزدرون بي وينكثون عهدي.
الله الذي يعلم بالمستقبل ينبئهم بما سوف يعملونه حينما يشبعون من خيرات أرض الموعد.

آية21:-فمتى اصابته شرور كثيرة وشدائد يجاوب هذا النشيد امامه شاهدا لانه لا ينسى من افواه نسله اني عرفت فكره الذي يفكر به اليوم قبل ان ادخله إلى الأرض كما اقسمت.
حينما تبدأ الضربات نتيجة شرورهم ستكون كلمات النشيد الذي حفظوه شاهدًا عليهم.

آية22-27:-فكتب موسى هذا النشيد في ذلك اليوم وعلم بني إسرائيل اياه.و اوصى يشوع بن نون وقال تشدد وتشجع لانك انت تدخل ببني إسرائيل الأرض التي اقسمت لهم عنها وانا اكون معك. فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها. امر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلا. خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب الهكم ليكون هناك شاهدا عليكم. لاني انا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة هوذا وانا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحري بعد موتي.
بمقارنة (1مل9:8 + عب4:9) نفهم أن اللوحان (لوحا الشريعة) كانا في داخل التابوت ونفهم أن نسخة التوراه كان يحتفظ بها إما داخل التابوت أو في صندوق مجاور للتابوت ومن (2مل8:22) نفهم أنهم وجدوا سفر الشريعة في بيت الرب فغالبًا وجدوه في صندوق مستقل مجاور لتابوت العهد

آية28-30:- 28- اجمعوا إلى كل شيوخ اسباطكم وعرفائكم لانطق في مسامعهم بهذه الكلمات و اشهد عليهم السماء والارض.لاني عارف انكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي اوصيتكم به ويصيبكم الشر في اخر الأيام لانكم تعملون الشر امام الرب حتى تغيظوه باعمال ايديكم.فنطق موسى في مسامع كل جماعة إسرائيل بكلمات هذا النشيد إلى تمامه
أشهد عليهم السماء والأرض = الملائكة والأجناد السمائية = نفوس الصديقين هم شهود على ما عمل الله مع شعبه وما عمله الشعب مع الله.

كل يوم هندرس اصحاح من الكتاب المقدس تفسير الاصحاح الثلاثون من سفر تثنيه

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  7:36 ص
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري

التثنية 30 - تفسير سفر التثنيه
 


 
بعد أن أعلن الله البركات واللعنات خشى الله أن يسقط الشعب في اليأس بعد أن أخبرهم بغضبه وهنا يُخبرهم بثلاث أمور مهمة:-
1-لا داعى لليأس فطريق التوبة مفتوح حتى وإن ضرب الله الخاطئ.
2-الوصية ليست صعبة فهو يعين الإنسان على تنفيذها.
3-كل إنسان حر... إذًا طاعة الوصية متوقفة على قرارى وإرادتى وبحريتى.
وهذا الإصحاح يعتبره البعض نبوة عن دعوة اليهود في آخر الأيام للإيمان

آية1:- و متى اتت عليك كل هذه الامور البركة واللعنة اللتان جعلتهما قدامك فان رددت في قلبك بين جميع الامم الذين طردك الرب الهك اليهم.
 
فإن رددت في قلبك
 = إن التأديب كثيرًا ما يرد الإنسان إلى صوابه، فإن رجع إلى نفسه وراجع ضميره وندم على خطاياه يفتح له الله باب التوبة ويعده بالمغفرة. وأول خطوة فى طريق التوبة كما فعل الابن الضال حين قارن بين حاله وحال خدام أبيه، بعدها عاد لأبيه.

آية2:-و رجعت إلى الرب الهك وسمعت لصوته حسب كل ما انا اوصيك به اليوم انت و بنوك بكل قلبك وبكل نفسك.
 
شرط التوبة أن تكون غير مترددة وبكل القلب يطيع وصايا الله = سمعت لصوته ويترك كل منافس لله في حياته.

آية3:-يرد الرب الهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك اليهم الرب الهك.
 
قارن مع قول القديسين " التوبة تحول الزانى إلى بتول " + (حز 23:18)

آية4-10:-ان يكن قد بددك إلى اقصاء السماوات فمن هناك يجمعك الرب الهك ومن هناك ياخذك. و ياتي بك الرب الهك إلى الأرض التي امتلكها اباؤك فتمتلكها ويحسن اليك و يكثرك أكثر من ابائك. ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا. ويجعل الرب الهك كل هذه اللعنات على اعدائك وعلى مبغضيك الذين طردوك. واما انت فتعود تسمع لصوت الرب وتعمل بجميع وصاياه التي انا اوصيك بها اليوم. فيزيدك الرب الهك خيرا في كل عمل يدك في ثمرة بطنك وثمرة بهائمك وثمرة ارضك لان الرب يرجع ليفرح لك بالخير كما فرح لابائك.اذا سمعت لصوت الرب الهك لتحفظ وصاياه وفرائضه المكتوبة في سفر الشريعة هذا اذا رجعت إلى الرب الهك بكل قلبك وبكل نفسك.
 
الختان الروحي للقلب معناه تجديد الحياة وكمالها ونزع كل خطية من الإنسان والله بروحه القدوس (بنعمته) يفعل هذا (رو13:8) لو أظهر الإنسان بجهاده وندمه استعداده لذلك. أكثر من أبائك = الله دائمًا يعمل أعمالًا مدهشة جديدة كل يوم.
آية11:-ان هذه الوصية التي اوصيك بها اليوم ليست عسرة عليك ولا بعيدة منك.
 
إذًا الوصايا ليست صعبة (1يو3:5) فنعمة الله تسند وتساعد لذلك فنيره هين وحمله خفيف (مت30،29:11) المهم أن يقرر الإنسان أنه يختار طريق الله. والوصايا ليست بعيدة عنك = لأن الرب قد سبق وكلمهم بها من على الجبل وكلمهم بها موسى وهرون وهي مكتوبة على ألواح وطالما أرسل الله لهم أنبياء يحملون وصاياه ورسائله.

آية 12:-ليست هي في السماء حتى تقول من يصعد لاجلنا إلى السماء وياخذها لنا و يسمعنا اياها لنعمل بها.
 
كلمة الرب ليست صعبة المنال أو عالية على مستوى الإنسان كأنها في السماء لا نصل لها.

آية13:-و لا هي في عبر البحر حتى تقول من يعبر لاجلنا البحر وياخذها لنا ويسمعنا اياها لنعمل بها.
 
وكلمة الرب ليست فى عبر البحر = الأصل العبرى في عمق البحر لا يصل إليه إنسان

آية14:-بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها.
 
بل كلمة الرب في فمك
 = فالله أمرهم أن يرددوها ولو فعلوا ستكون فى قلبك = إذا رددتها وتأملت فيها ستتمسك بها وتحبها. وهذا يمكن تنفيذه سواء في العهد القديم أو العهد الجديد والفارق في المستوى, ففي العهد القديم نسمع الوصايا لا تزنى / لا تقتل وفي العهد الجديد نسمع لا تنظر لتشتهى ولا تغضب.
وما جعل الوصية سهلة التنفيذ في العهد الجديد المسيح الساكن فينا والروح القدس الذي يعيننا. ولقد إقتبس بولس الرسول هذا النص في (رو5:10-10) ويقصد بولس الرسول أنه يجب على الإنسان أن يؤمن إيمانًا كاملًا بسيطًا بعمل المسيح لأجل البشر وأن المسيح ليس بعيدًا فنقول أنه في السماء فالمسيح تجسد وجاء من السماء إلى بيت لحم وتحدث معنا فمًا لفم وليس كما تحدث للأنبياء من السماء (عب1:1 + 1يو1:1-4) وليس هي في عمق البحر وهذه تعنى الموت (راجع يون3:2-6) أي لم يبق المسيح في القبر ولكنه قام ولم يعد ميتًا بعد ليعطينا حياة القيامة والنصرة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا فيموقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأصبح قريب منا جدًا وفينا ولذلك يقول إثبتوا فىَّ وأنا فيكم. بولس هنا فهم أن كلمة الله في هذه الآيات هو المسيح كلمة الله (يو14:1)، والمسيح ليس بعيدًا عنا.

آيات 15-19:انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر.بما اني اوصيتك اليوم ان تحب الرب الهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه واحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب الهك في الأرض التي انت داخل اليها لكي تمتلكها.فان انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لالهة اخرى وعبدتها.فاني انبئكم اليوم انكم لا محالة تهلكون لا تطيل الأيام على الأرض التي انت عابر الاردن لكي تدخلها وتمتلكها.اشهد عليكم اليوم السماء والارض قد جعلت قدامك الحياة والموت البركة واللعنة فاختر الحياة لكي تحيا انت ونسلك.
 
قدامك الحياة... والموت
 = أي الإختيار إختيارك، وكل إنسان حُر في قراره
آية20:-اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به لانه هو حياتك والذي يطيل ايامك لكي تسكن على الأرض التي حلف الرب لابائك 
إبراهيم وإسحق ويعقوب ان يعطيهم اياها
من يلتصق بالرب
 ويثبت فيه تكون لهُ حياة على هذه الأرض وفي الحياة الأبدية.

سلسلة نبؤات اشعياء النبي عن الأمم

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  5:16 م


الإصحاح الثالث و العشرون

في هذا الإصحاح ترد آخر نبوات اشعياء عن الممالك و الأمم و المدن التي كانت لها معاملات مع شعب الله في العهد القديم

و هنا تنبأ النبى عن مدينة صور و كانت الميناء الرئيسي على ساحل فينيقيا على بعــــد 40 كيلومتر جنوب صيدون و 45 كيلومترآ شمال عكا .

و كانت صور مدينة قديمة ذكر هيرودوت أنها تأسست سنة 2700 ق.م. و قد أقيمت على جزيرة صخرية تبعــــد عن الشاطئ بمسافة نصف ميل يصلها بالبر رصيف مرصوف بالحجارة .

و اشتهرت عظمتها بالتجارة إذ وصلت سفنها أقاصي العالم القديم و ازدهرت تجارتها جدا حتى تفوقت على " أمها " صيدون و قد ذُكِرت في ( مز 45 ) بنات صور إشارةً إلى عظمتها .


و قد ورد ذكر صور في مناسبات عــــديدة في الكتاب المقدس و قامت بينها و بين اليهود صلات _ فقد أرسل حيرام ملكها عمالا و فنانين إلى داود و إلى سليمان ( 2 صم 5 : 11 ، 1مل 5: 1_ 7 : 13 _9 :11) و قد تنبأ بعض الأنبياء _ عــــدا اشعياء _ عن خرابها ( 1ر 25 :22 , 27 : 2 , 47 : 4 ، حز ص 26 _ 27 , 29 : 18 ، هو 9 : 12 , يوئيل 2: 4 , عا 1 : 9 _ 10 , زك 9 : 2_4) و تمَّت هذه النبوات بحصار نبوخذنصر ثم الأسكندر الذي استولى عليها بعــــد حصار استمر سبعة أشهر و أحُرِقت المدينة بالنار ثم استعادت صور كيانها و كانت في أيام السيد المسيح مدينة كبيرة و قد مَرَّ له المجد بتخومها و تحدث عنها _ و كانت المرأة الكنعانية التي امتدح إيمانها من نواحيها ( مت 11: 21 _ 22 , 15 : 21 _ 28 , مر 3 : 8 , 7 :24_ 31 , لو 6: 17) و اقترن ذكرها بمدينة صيدا ( و هي صيدون القديمة ) و قد صار في صور عــــدد من المسيحيين اجتمع بهم بولس و مكث 7 أيام ( أع 21 : 3_ 6) _و في قرون المسيحية الأولى كانت تلى مدينة أنطاكيه في أهميتها بالنسبة للكرسي الأنطاكي و في ( ف7 ك 8 ) أورد أسابيوس القيصري و صفا لتعذيب و استشهاد كثيرين من أقباط مصر فى صور كانوا قد أُرسِلوا للعمل في فلسطين .



و يشتمل هذا الإصحاح على قسمين :

(1) نبوة بسقوط صور و خرابها ( عــــد 1 _ 14 )

(2) الوعــــد بقيامها و رجوعها ( عــــد 15 _ 18 )



أولا : النبوة بسقوطها و خرابها ( عــــد 1 - 14 )

1وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ صُورَ: وَلْوِلِي يَا سُفُنَ تَرْشِيشَ لأَنَّهَا خَرِبَتْ حَتَّى لَيْسَ بَيْتٌ حَتَّى لَيْسَ مَدْخَلٌ. مِنْ أَرْضِ كِتِّيمَ أُعْلِنَ لَهُمْ. 2اِنْدَهِشُوا يَا سُكَّانَ السَّاحِلِ. تُجَّارُ صَيْدُونَ الْعَابِرُونَ الْبَحْرَ مَلأُوكِ. 3وَغَلَّتُهَا زَرْعُ شِيحُورَ حَصَادُ النِّيلِ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ فَصَارَتْ مَتْجَرَةً لأُمَمٍ. 4اِخْجَلِي يَا صَيْدُونُ لأَنَّ حِصْنَ الْبَحْرِ نَطَقَ قَائِلاً: «لَمْ أَتَمَخَّضْ وَلاَ وَلَدْتُ وَلاَ رَبَّيْتُ شَبَاباً وَلاَ نَشَّأْتُ عَذَارَى». 5عِنْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إِلَى مِصْرَ يَتَوَجَّعُونَ عِنْدَ وُصُولِ خَبَرِ صُورَ. 6اُعْبُرُوا إِلَى تَرْشِيشَ. وَلْوِلُوا يَا سُكَّانَ السَّاحِلِ. 7أَهَذِهِ لَكُمُ الْمُفْتَخِرَةُ الَّتِي مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ قِدَمُهَا؟ تَنْقُلُهَا رِجْلاَهَا بَعِيداً لِلتَّغَرُّبِ.


( عــــد 1) :

يستهل اشعياء كلامه بتوجيه الحديث إلى سفن ترشيش ( في اسبانيا حيث كان يسكن مهاجرون من صور التي كانت تتبادل معها التجارة ) . و يفيد اشعياء أن خبر خراب صور يُسمعَ من أرض كتيم ( و هي جزيرة قبرص ) و قد ترتب على هذا الخراب عــــدم وجود بيت فى صور و عــــدم إمكانية دخول السفن إلى مينائها إذ أصبحت مداخل الميناء مسدودة من ردم المدينة


( عــــد 2 ) :

يسمع و يندهش جميع سكان ساحل فينيقية لخراب صور التي أغناها و ملأها تجار صيدون بتجارتهم .


( عــــد 3 ) :

ينتقل اشعياء هنا إلى صيغة الغائب بدلا من المخاطَب و يقول إن غلة صور هي زرع شيحور حصاد النيل _ أي أن قمح مصر كان يغمرها _ و شيحور هو اسم للنيل ( 1 أيام 13 : 5 , أر 2 : 18 ) و كان القمح يُنقل بسفن تسير على مياه كثيرة و أصبحت صور متجرة الأمم .

( قيل إن كلمة " شيحور " تعنى فى أصلها " أسود " إشارة إلى طمى النيل – وقال البعض إنها إسم لأحد روافدة )


( عــــد 4 ) :

يخاطب النبي مدينة صيدون لكي تشعر بالخجل لأن صور ( حصن البحر ) كأنها ترثى خسارتها لمستعمراتها و كأنها لم تتمخض و لم تلد إذ لم تعــــد لها علاقات تجارية ببلدان أخرى


( عــــد 5 ) :

يتوجع المصريون لخراب صور و انتهاء مكاسبهم بانقطاع تجارتهم معها


( عــــد 6 ) :

يطلب اشعياء من أهل صور أن يهربوا إلى ترشيش _ أما من يبقون في صور من أهلها فليس لهم إلا النحيب و البكاء .


( عــــد 7 ) :

هنا و كأن النبي يرى بقايا صور فيتساءل : " أهذه لكم المدينة المتفاخرة القديمة و قد صارت كانسانة ضعيفة تحملها قدماها إلى بلاد غريبة ؟ "


8مَنْ قَضَى بِهَذَا عَلَى صُورَ الْمُتَوَّجَةِ الَّتِي تُجَّارُهَا رُؤَسَاءُ؟ مُتَسَبِّبُوهَا مُوَقَّرُو الأَرْضِ. 9رَبُّ الْجُنُودِ قَضَى بِهِ لِيُدَنِّسَ كِبْرِيَاءَ كُلِّ مَجْدٍ وَيُهِينَ كُلَّ مُوَقَّرِي الأَرْضِ. 10اِجْتَازِي أَرْضَكِ كَالنِّيلِ يَا بِنْتَ تَرْشِيشَ. لَيْسَ حَصْرٌ فِي مَا بَعــــد. 11مَدَّ يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ. أَرْعــــد مَمَالِكَ. أَمَرَ الرَّبُّ مِنْ جِهَةِ كَنْعَانَ أَنْ تُخْرَبَ حُصُونُهَا. 12وَقَالَ: «لاَ تَعُودِينَ تَفْتَخِرِينَ أَيْضاً أَيَّتُهَا الْمُنْهَتِكَةُ الْعَذْرَاءُ بِنْتُ صَيْدُونَ. قُومِي إِلَى كِتِّيمَ. اعْبُرِي. هُنَاكَ أَيْضاً لاَ رَاحَةَ لَكِ». 13هُوَذَا أَرْضُ الْكِلْدَانِيِّينَ. هَذَا الشَّعْبُ لَمْ يَكُنْ. أَسَّسَهَا أَشُّورُ لأَهْلِ الْبَرِّيَّةِ. قَدْ أَقَامُوا أَبْرَاجَهُمْ. دَمَّرُوا قُصُورَهَا. جَعَلَهَا رَدْماً. 14وَلْوِلِي يَا سُفُنَ تَرْشِيشَ لأَنَّ حِصْنَكِ قَدْ أُخْرِبَ.


( عــــد 8 , 9) :

يتساءل اشعياء عمن قضى بهذا الخراب على صور المتوجة (التي تعطي التيجان ) التي كان تجارها رؤساء و كان متكسبوها كرام الأرض !!

_ إنه رب الجنود الذي قضى بتحطيم كبرياء صور .


( عــــد 10 - 12 ) :
يبشر النبي أهل ترشيش التي كانت صور متسلطة عليهم بأن يجتازوا متنقلين بحرية كانسياب النيل لأنة لن يكون حصر فيما بعــــد أي لن يكون هناك ما يُقيِد حريتها فقد مد الله يده لخراب حصون كنعان و المقصود هنا صور فإنها " بنت صيدون " العذراء المتهتكة أي التي فقدت شرفها بهزيمتها فلن تعود تفتخر و لن تجد راحتها في كتيم .


( عــــد 13 - 14 ) :

يشير اشعياء إلى الكلدانيين كشعب برية لم يكن له شأن و لا سيادة ولكنهم سيهجمون على صور و يدمرونها فلتولول سفن ترشيش لخراب حصنها


ثانيا : الوعــــد بقيام صور و رجوعها ( عــــد 15 - 18 )

في الأعــــداد السابقة استخدم اشعياء أسلوبا شاعريا في التنبؤ بسقوط صور وخرابها و هنا _ بلغة النثر _ يتنبأ بارتفاع صور من الرماد لتعود إلى عمرانها

وازدهار تجارتها و حصولها على أرباح تقدمها قدسآ للرب .


15وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ صُورَ تُنْسَى سَبْعِينَ سَنَةً كَأَيَّامِ مَلِكٍ وَاحِدٍ. مِنْ بَعــــد سَبْعِينَ سَنَةً يَكُونُ لِصُورَ كَأُغْنِيَةِ الزَّانِيَةِ. 16خُذِي عُوداً. طُوفِي فِي الْمَدِينَةِ أَيَّتُهَا الزَّانِيَةُ الْمَنْسِيَّةُ. أَحْسِنِي الْعَزْفَ أَكْثِرِي الْغِنَاءَ لِكَيْ تُذْكَرِي. 17وَيَكُونُ مِنْ بَعــــد سَبْعِينَ سَنَةً أَنَّ الرَّبَّ يَتَعَهَّدُ صُورَ فَتَعُودُ إِلَى أُجْرَتِهَا وَتَزْنِي مَعَ كُلِّ مَمَالِكِ الْبِلاَدِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. 18وَتَكُونُ تِجَارَتُهَا وَأُجْرَتُهَا قُدْساً لِلرَّبِّ. لاَ تُخْزَنُ وَلاَ تُكْنَزُ بَلْ تَكُونُ تِجَارَتُهَا لِلْمُقِيمِينَ أَمَامَ الرَّبِّ لأَكْلٍ إِلَى الشَّبَعِ وَلِلِبَاسٍ فَاخِرٍ.


( عــــد 15 ) :

15وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ صُورَ تُنْسَى سَبْعِينَ سَنَةً

تظل صور منسية لا وجود لها في فكر الناس و لا مكانة لها أو أعتبار سبعين سنة .

_ و يرى كثيرون أن هذه المدة حرفية بدأت بحكم نبوخذنصر ملك بابل و انتهت بقيام دولة الفرس و يعتبرون هذه المدة مقابلة لمدة سبي يهوذا و هي تتمشى مع نبوة ارميا " و تخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة " ( 25 : 11 ) و قد ذكر أرميا مدينة صور ضمن هذه الشعوب ( 25 : 22)

_ و يرى آخرون أن السبعين سنة هي مدة رمزية تشير إلى فترة طويلة كما جاء في ( تك4 : 24) أنه ينتقم للامك سبعة و سبعين و في ( مت 18 : 22) إلى سبعين مرة سبع مرات


كَأَيَّامِ مَلِكٍ وَاحِدٍ.

أي أن حالة الكساد و الانحطاط التي تكون عليها صور خلال تلك المدة تبقى ثابتة غير متغيرة كما كانت سياسة الملوك القدماء و طرق حكمهم لا تتغير .


مِنْ بَعــــد سَبْعِينَ سَنَةً يَكُونُ لِصُورَ كَأُغْنِيَةِ الزَّانِيَةِ.

هنا يشبه اشعياء مدينة صور بامرأه زانية _ كما شُبِهت مدينة نينوى في ( ناحوم 3: 4) و مدينة بابل في ( رؤ 18: 3) _ و يشير النبي إلى أغنية لعلها كانت شائعة بيت تلك الأوساط في زمانة .


( عــــد 16 ) :

16خُذِي عُوداً. طُوفِي فِي الْمَدِينَةِ أَيَّتُهَا الزَّانِيَةُ الْمَنْسِيَّةُ....

تتضمن كلمات هذا العــــدد بعض فقرات الأغنية المشار إليها في العــــدد السابق و هي أغنية كانت ترددها امرأة زانية قد تقدمت في عمرها و أصبحت مَنسية و مهملة و هي تخاطب نفسها بلغة الرثاء و الحزن لكي تلفت أنظار الناس اليها بغنائها و موسيقاها حتى يعود الناس إلى ذكرها

و المقصود بذلك أن صور تعود إلى استخدام أساليبها لاستعادة نشاطها التجاري كما تفعل زانية منسية بالموسيقى و الغناء للإغراء و جذب الأنظار إليها .


( عــــد 17 ) :

17وَيَكُونُ مِنْ بَعــــد سَبْعِينَ سَنَةً أَنَّ الرَّبَّ يَتَعَهَّدُ صُورَ فَتَعُودُ إِلَى أُجْرَتِهَا

هنا يترك اشعياء الكلام عن الأغنية و يستأنف نبوته عن صور التي سيفتقدها الرب بعــــد سبعين سنة و لكن ليس بالعقاب بل بالرحمة و الإحسان ...

_ ستعود إلى أجرتها _ أي إلى تجارتها و نشاطها الاقتصادي مع البلاد المختلفة و البعيدة ....


وَتَزْنِي مَعَ كُلِّ مَمَالِكِ الْبِلاَدِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.

_ لماذا يعود النبي إلى استخدام هذه الكلمة " تزني " بعــــد أفتقاد الرب لها ؟

_ ربما لأنها ستعود إلى ممارسة نشاطها التجاري سعيآ وراء نفعها الشخصي و تحقيقا لمجدها الذي تريد استعادته _ و كأن درس محنتها لم ترتفع بفائدته إلى مستوى النضوج في المعرفة .... و لا يفوتنا أن النبي استخدم هذه الكلمة باعتبارها تصف ما كانت علية صور سابقا و أمثلة ذلك كثيرة :

+ فقد أُطلِق على متى لقب العشار ( مت 10 : 3 ) رغم أنه كان قد ترك هذه الوظيفة و صار تلميذا للمسيح .

+ و قيل عن لعازر " فخرج الميت " ( يو 1 : 44 ) وذلك بعــــد أن كان قد قام من الموت .

+ و قال المسيح له المجد " اصنعوا لكم أصدقاء من مال الظلم"(لو 16: 9) بالنظر إلى طبيعته بصفة عامة ، رغم أن أولاد الله لا يقتنون مالآ بطريق الظلم و لا يجوز تقديم شيء منه للرب ( تث 23 : 18 ).


( عــــد 18 ) :

18وَتَكُونُ تِجَارَتُهَا وَأُجْرَتُهَا قُدْساً لِلرَّبِّ

تصير أرباح هذه التجارة خالية من الغش و التلاعب و تستخدم لأغراض الخير .


وَلاَ تُكْنَزُ بَلْ تَكُونُ تِجَارَتُهَا لِلْمُقِيمِينَ أَمَامَ الرَّبِّ لأَكْلٍ إِلَى الشَّبَعِ وَلِلِبَاسٍ الفَاخِرٍ

تتغير الأمور بالنسبة لصور فلا تُدًخر و لا تٌكتَنز ثروتها بل تتحول تجارتها لتوفير غذاء مشبع و ثياب فاخرة للساكنين أمام الرب أي خدام بيته من الكهنة و اللاويين , الذين يدبر الرب احتياجاتهم من طعام و لباس يناسب خدمتهم السامية. أما عن إتمام هذه النبوة ، فإن البعض يرى إتمامها ماديا حينما خدم الصوريون في بناء الهيكل بعــــد العودة من السبي ( عزرا 3 : 7 ) و يرى آخرون إتمامها روحيا في العصر المسيحي حينما انتشرت في صور و قدم مؤمنوها عطايا قلوبهم للرب .

النبؤة عن مصر وفرعون مصر من نبؤات حزقيال النبي

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  5:14 م
النبؤة عن مصر وفرعون مصر من نبؤات حزقيال النبي

سلسلة نبؤات حزقيال النبي عن الأمم والشعوب

تنبأ حزقيال النبي عن بعض الشعوب المجاورة لمملكتي يهوذا وإسرائيل، وكانت لهذه الشعوب صلات تجارية مع بني إسرائيل، وقد تضمنت هذه النبوات ما كان عتيداً أن يصيب هذه الشعوب من قضاء إلهي كما وقع على بني إسرائيل ، وذلك تأكيداً لسلطان الله على جميع أمم وشعوب العالم ولم تأت هذه النبوات انعكاسا لروح التشفي والانتقام بل كانت درسا مقدماً لليهود عن عدالة الله المطلقة.

ومن هذه النبؤات النبؤة عن مصر وفرعون مصر حزقيال الاصحاح 29 وحتى الاصحاح 32


الإصحاح التاسع والعشرون

يتناول هذا الإصحاح والإصحاحات الثلاثة التالية نبوات حزقيال النبي على فرعون وعلى مصر ، وكان تاريخها في الفترة ما بين 586- 585 ق.م. ماعدا الجزء المذكور في (ص29: 17-21) الذي كان تاريخه 571 ق.م. وفي أيام حزقيال النبي- كما في أيام أشعياء النبي- كان هناك بين كل من مصر وبلاد ما بين النهرين صراع عنيف ( 2مل18: 21 ، أش20: 5 ، أر37: 5-10 ) وكان نبوخذ نصر قد هزم فرعون نخو عند كركميش سنة 605 ق.م. ، وخلف بسمتيك الثاني نخو ومات سنة 588 ق.م. وجاء فرعون خفرع، الذي يدعوه هيرودت ابريس ، وحاصر صور وصيدون ، وأخضع بلاد فينيقية ، ولكن إنقساماً وقع بعد ذلك في مملكته وقامت فتن وحروب زحف في أثنائها نبوخذ نصر في جيش عظيم على مصر ففتحها وهدم هياكل آلهتها وكان أرميا قد تنبأ عن خفرع بوقوعه في يد أعدائه وليد طالبى نفسه ، وقد عزله أمازيس وقَُتِلَ بعد ذلك ، وحكم الملك امازيس بعد ذلك، وقد تمرد على مملكة فارس وجاء بعده بسمتيك الثالث الذي في عهده زحف قمبيز بن كورش ملك فارس بجيوشه الضخمة إلى مصر وفتحها بعد حروب كثيرة وذاقت مصر ويلات الفاتحين وانتهى بذلك حكم الفراعنة إذ أصبحت مصر تحت حكم الفرس ثم اليونان ثم الرومان .
ويشتمل هذا الإصحاح على:
1. فرعون تمساح مصر ( عد1-7 )
2. نبوتين على مصر ( عد 8-16 )
3. غزو نبوخذ نصر لمصر (عد17-21)

أولاً: فرعون تمساح مصر ( عد1-7 )
"1فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْعَاشِرِ كَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَعَلَى مِصْرَ كُلِّهَا. 3تَكَلَّمْ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ, التِّمْسَاحُ الْكَبِيرُ الرَّابِضُ فِي وَسَطِ أَنْهَارِهِ, الَّذِي قَالَ: نَهْرِي لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ لِنَفْسِي. 4فَأَجْعَلُ خَزَائِمَ فِي فَكَّيْكَ وَأُلْزِقُ سَمَكَ أَنْهَارِكَ بِحَرْشَفِكَ, وَأُطْلِعُكَ مِنْ وَسَطِ أَنْهَارِكَ وَكُلُّ سَمَكِ أَنْهَارِكَ مُلْزَقٌ بِحَرْشَفِكَ. 5وَأَتْرُكُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَنْتَ وَجَمِيعَ سَمَكِ أَنْهَارِكَ. عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ فَلاَ تُجْمَعُ وَلاَ تُلَمُّ. بَذَلْتُكَ طَعَاماً لِوُحُوشِ الْبَرِّ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ. 6وَيَعْلَمُ كُلُّ سُكَّانِ مِصْرَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِمْ عُكَّازَ قَصَبٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 7عِنْدَ مَسْكِهِمْ بِكَ بِالْكَفِّ انْكَسَرْتَ وَمَزَّقْتَ لَهُمْ كُلَّ كَتِفٍ, وَلَمَّا تَوَكَّأُوا عَلَيْكَ انْكَسَرْتَ وَقَلْقَلْتَ كُلَّ مُتُونِهِمْ "
يرجع تاريخ هذه النبوة إلى سنة ويومين من بعد زحف نبوخذ نصر على أورشليم ( ص24: 1 ، 2 و 2مل 25: 1 ) وقبل خرابها بسبعة أشهر (2مل 25: 3-8) وفرعون المذكور هنا هو خفرع الذي حكم مصر من 588 إلى 569 ق.م. وكان حفيداً لنخاو الذي هزم يوشيا ملك يهوذا عند مجدو (2 أيام35: 21-27).
وقد طلب صدقيا ملك يهوذا مساعدة فرعون خفرع ، فرفع الكلدانيون الحصار عن أورشليم، ولكنهم عادوا لحصارها بعد انسحاب المصريين وقد عُرِف فرعون خفرع بالكبرياء، وقال هيرودت أنه كان يدعي بعدم قدرة الآلهة على إسقاطه، وها هو يوصف هنا بالتمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره والذي قال نهري لي وأنا عملته بنفسي وبسبب كبريائه كان الخراب آتياً عليه وعلى شعبه لكي يعرف سكان مصر أن بني إسرائيل قد إتكلوا على قصبة مرضوضه عندما طلبوا تحالفهم مع فرعون وها هي يد الرب على فرعون المتشامخ ، فتوضع خزائم في فكيه ويصير طعاماً لوحوش البر ولطيور السماء، بعكس ما كان عند المصريين من تكريم لجثث موتاهم ، فكانوا يبنون لها المقابر والأهرامات.

ثانياً: نبوتين على مصر (عد 8-16)
"8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفاً, وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. 9وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. 10لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ, وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَباً خَرِبَةً مُقْفِرَةً مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ إِلَى تُخُمِ كُوشَ. 11لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ, وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ, وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 12وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ, وَمُدُنَهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. 13لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ 14وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ, وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ, وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. 15تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ, وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. 16فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَداً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ, مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ, وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ "
لعل هذه النبوة قد تمت بعد إصدارها بحوالي سبع عشرة سنة ، فإختبر فرعون وشعبه أهوال الحرب والخراب ، وعم الخراب البلاد من مجدل في الشمال إلى أسوان في الجنوب ، إلى تخم كوش (بلاد النوبة) أما عن الأربعين سنة فهي كانت تقريباً ما بين غزو نبوخذ نصر وغزو قمبيز ، وكانت مصر خلالها تحت حكم وإستعباد ملوك بابل ، وكان نبوخذ نصر قد سبى كثيرين من المصريين، ولاشك أن كثيرين منهم هربوا إلى البلاد المجاورة ويقول حزقيال بلسان الرب أن هذا التأديب كان مؤقتاً، فبعد هذه المدة يجمع الرب شمل المصريين المشتتين ويرجعهم إلى بلادهم.

ثالثاً: غزو نبوخذ نصر لمصر ( عد17-21 )
"17وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 18يَا ابْنَ آدَمَ, إِنَّ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ اسْتَخْدَمَ جَيْشَهُ خِدْمَةً شَدِيدَةً عَلَى صُورَ. كُلُّ رَأْسٍ قَرِعَ, وَكُلُّ كَتِفٍ تَجَرَّدَتْ, وَلَمْ تَكُنْ لَهُ وَلاَ لِجَيْشِهِ أُجْرَةٌ مِنْ صُورَ لأَجْلِ خِدْمَتِهِ الَّتِي خَدَمَ بِهَا عَلَيْهَا. 19لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَبْذُلُ أَرْضَ مِصْرَ لِنَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ فَيَأْخُذُ ثَرْوَتَهَا وَيَغْنَمُ غَنِيمَتَهَا وَيَنْهَبُ نَهْبَهَا فَتَكُونُ أُجْرَةً لِجَيْشِهِ. 20قَدْ أَعْطَيْتُهُ أَرْضَ مِصْرَ لأَجْلِ شُغْلِهِ الَّذِي خَدَمَ بِهِ لأَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَجْلِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 21فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُنْبِتُ قَرْناً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. وَأَجْعَلُ لَكَ فَتْحَ الْفَمِ فِي وَسَطِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "
هذه الآيات الأخيرة من هذا الإصحاح تصف إتمام النبوة بالتحديد فبعد سبع عشرة سنة من إعطاء النبوة السابقة ، إستخدم الرب نبوخذ نصر لإتمامها وقد أعطاه مصر كأجرة أو مكافأة له على ما فعله من نقمة على ملك صور الذي كان قد أساء إلى أورشليم ، فأثار الرب نبوخذ نصر ضد صور وحاربها، وكافأه الرب بخيرات مصر وهكذا نرى يد الرب تعمل وتوجه الأحداث بين الشعوب والممالك وتجريها في إتجاهات لإتمام مقاصد الله.
ويختتم هذا الإصحاح بوعد، وهو أن ينبت قرن لخلاص شعبه ويفتح فم حزقيال نبيه لإعلان هذا الخلاص لبني أمته "فيعلمون إني أنا الرب" ولعل هذا القرن كان على المدى البعيد يشير إلى " قرن الخلاص " الذي نطق به زكريا عندما ولد إبنه يوحنا المعمدان الذي أعد الطريق أمام المسيح ( لو 1: 69 ).


الإصحاح الثلاثون
يواصل حزقيال النبي نبواته عن فرعون مصر ويشتمل على خمسة أقسام:

1. دينونة مصر والأمم المجاورة لها ( عد1-5 ).
2. الأرض المقفرة ( عد6-9 ).
3. نبوخذ نصر أداة عقاب ( عد10-12 )
4. إبادة أصنامها ( عد 13-19 )
5. انكسار فرعون بيد ملك بابل ( عد 20-26 )

أولاً: دينونة مصر والأمم المجاورة لها (عد1-5)
"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ! 3لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ. وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ يَوْمُ غَيْمٍ. يَكُونُ وَقْتاً لِلأُمَمِ. 4وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ, وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ, وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا. 5يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ, وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ "

يستهل هذا الإصحاح بذكر " يَوْمٌ لِلرَّبِّ " – أي يوم غضب وقضاء ودينونة على مصر وبعض الأمم (وقت للأمم)- ويصفه بأنه يوم غيم ، أي يوم مهول ومخيف ويذكر الرب أسماء بعض الأمم التي سيحل عليها مع مصر سيف العقاب:
- كوش : وهي الحبشة، وسيقع الرعب عليها عند سقوط قتلى مصر.
- فوط ولود: كانا غرب مصر.
- كوب: ربما كانت بلاد النوبة.
- بنو أرض العهد: اليهود الذين إلتجأوا إلى مصر وأقاموا فيها.


ثانياً: الأرض المقفرة ( عد6-9 )
"6هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 7فَتُقْفِرُ فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ, وَتَكُونُ مُدُنُهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ. 8فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ إِضْرَامِي نَاراً فِي مِصْرَ وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا. 9فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ, فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ. لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي "

يذكر هنا مدناً معينة كانت في مصر، وكانت عتيدة أن يصيبها القصاص لكي يكسر كبرياءها فمن الشمال (مجدل) إلى الجنوب (أسوان) كان الناس سيسقطون قتلى السيف وتصير الأرض مقفرة والمدن خربة فيعرف الناس قدرة الرب ، إذ تشتعل نار غضب الله ، وينكسر جميع حلفائها وتنطلق هذه الأخبار – كأنها رسل في سفن- إلى كوش المطمئنة فيأتي عليها خوف عظيم وهكذا يكون سقوط فرعون نذير خطر وتهديد لكوش.


ثالثاً: نبوخذ نصر أداة عقاب ( عد10-12 )
"10هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ بِيَدِ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ. 11هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ عُتَاةُ الأُمَمِ يُؤْتَى بِهِمْ لِخَرَابِ الأَرْضِ, فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَيَمْلأُونَ الأَرْضَ مِنَ الْقَتْلَى. 12وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ "

تجتاح جيوش نبوخذ نصر ملك بابل أرض مصر ، فتزول ثروتها ، إذ أن رجاله العتاة يجردون سيوفهم على مصر ، فتمتلئ الأرض من القتلى وتجف روافد النهر (فروع الدلتا)، وتباع الأرض للأشرار والغرباء ويرث هؤلاء الغرباء ما كان لسكان وشعب مصر.


رابعاً: إبادة أصنامها (عد 13-19)
"13هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ وَأُبَطِّلُ الأَوْثَانَ مِنْ نُوفَ. وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ رَئِيسٌ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ, وَأُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 14وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ وَأُضْرِمُ نَاراً في صُوعَنَ وَأُجْرِي أَحْكَاماً فِي نُوَ. 15وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ حِصْنِ مِصْرَ, وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُوَ. 16وَأُضْرِمُ نَاراً فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعاً, وَنُوَ تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ. 17شُبَّانُ آوَنَ وَفِيبِسْتَةَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ وَهُمَا تَذْهَبَانِ إِلَى السَّبْيِ. 18وَيُظْلِمُ النَّهَارُ فِي تَحْفَنِيسَ عِنْدَ كَسْرِي أَنْيَارَ مِصْرَ هُنَاكَ. وَتَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا. أَمَّا هِيَ فَتَغْشَاهَا سَحَابَةٌ وَتَذْهَبُ بَنَاتُهَا إِلَى السَّبْيِ. 19فَأُجْرِي أَحْكَاماً فِي مِصْرَ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

كانت مصر القديمة معقلاً للوثنية، وقد جاءت أحكام القضاء الإلهي على المدن التي تمركزت فيها تلك الأوثان الزائفة.
وقد ذكرت أولاً مدينة "نوف" (ممفيس)، وهي المدينة التي أقامها الملك مينا عندما وحد وجهى مصر، وكانت تقع قرب البدرشين الحالية وذكرت "فتروس" وهي عادة يقصد بها مصر العليا، و"صوعن" وكانت غالباً في الدلتا حيث كانت أرض جاسان التي أقام فيها بنو إسرائيل وهي الآن "صا الحجر".
وذكرت أيضاً "نو" وهي طيبة أو "الأقصر" الآن.
كما ذكرت "سين" ولعلها "تل الفرما" شمال شرق القنطرة.
وذكرت "آون" وهي التي أسماها اليونان "هليوبوليس"
وفيبستة ومكانها حالياً "تل بسطا" بجوار الزقازيق.
أما "تحفنحيس" فهي كانت في مكان يعرف حالياً بإسم "تل دفنة"- غرب مدينة القنطرة.
أما ما جاء في (عد 13) فهو بحسب الترجمة السبعينية "لأنه هكذا قال الرب الإله إني سأحطم شرفاء ممفيس وأمراءها من أرض مصر ولن يكونوا فيما بعد" ولعل كلمة "رئيس" تأتي هنا مرادفة لكلمة "صنم" حيث إن ذكرها هنا جاء بين الكلام عن أوثان نوف خاصة ومصر عامة.


خامساً: إنكسار فرعون بيد ملك بابل (عد 20-26)
" 20وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي السَّابِعِ مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ: 21يَا ابْنَ آدَمَ, إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ, وَهَا هِيَ لَنْ تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ وَلاَ بِوَضْعِ عِصَابَةٍ لِتُجْبَرَ فَتُمْسِكَ السَّيْفَ. 22لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ, وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ. 23وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي. 24وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ. وَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْ فِرْعَوْنَ فَيَئِنُّ قُدَّامَهُ أَنِينَ الْجَرِيحِ. 25وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ. أَمَّا ذِرَاعَا فِرْعَوْنَ فَتَسْقُطَانِ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِ مَلِكِ بَابِلَ فَيَمُدُّهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. 26وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

يعود النبي حزقيال إلى الكلام عن هزيمة فرعون، وكسر ذراعه بيد نبوخذ نصر ملك بابل، وما كان سيلحق بشعبة من تشتت.


الإصحاح الحادي والثلاثون
يشتمل هذا الإصحاح على مزيج من المجاز والحقيقة، ويشابه ما جاء في (ص 27) عن صور، كما يتكرر ذكر "جنة الله" و"عدن"، اللتين ورد ذكرهما في (ص28)، وقد تضمن من المعاني ما يتمشى مع (أش 14: 3-20)، ويدور محور الكلام فيه على زوال عظمة فرعون، ويرى معظم المفسرين أن الكلام هنا قد أشار إلى أشور التي قضى نبوخذ نصر على عظمتها، وكما حدث لها هكذا سيحدث أيضاً لفرعون:

وينقسم هذا الإصحاح إلى:
1. وصف تعاظم فرعون (عد 1-9)
2. السقوط نهاية الكبرياء (10-14)
3. مصير فرعون وجمهوره (عد 15-18)

أولاً: وصف تعاظم فرعون (عد 1-9)
"1وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَجُمْهُورِهِ: مَنْ أَشْبَهْتَ فِي عَظَمَتِكَ؟ 3هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ جَمِيلُ الأَغْصَانِ وَأَغْبَى الظِّلِّ وَقَامَتُهُ طَوِيلَةٌ وَكَانَ فَرْعُهُ بَيْنَ الْغُيُومِ. 4قَدْ عَظَّمَتْهُ الْمِيَاهُ وَرَفَعَهُ الْغَمْرُ. أَنْهَارُهُ جَرَتْ مِنْ حَوْلِ مَغْرِسِهِ وَأَرْسَلَتْ جَدَاوِلَهَا إِلَى كُلِّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ. 5فَلِذَلِكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُهُ عَلَى جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَقْلِ, وَكَثُرَتْ أَغْصَانُهُ وَطَالَتْ فُرُوعُهُ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ إِذْ نَبَتَ. 6وَعَشَّشَتْ فِي أَغْصَانِهِ كُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ, وَتَحْتَ فُرُوعِهِ وَلَدَتْ كُلُّ حَيَوَانِ الْبَرِّ, وَسَكَنَ تَحْتَ ظِلِّهِ كُلُّ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ. 7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ, لأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ, السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ, وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ "
تتضمن هذه الأعداد قصيدة لحزقيال، يصور فيها فرعون وجمهوره بما يشبه شجرة أرز هائلة ترتفع أغصانها إلى السحاب، وترويها مياه الغمر، وقد عششت في أغصانها كل طيور السماء، وتحت فروعها ولدت كل حيوان البر، وتحت ظلها سكنت كل الأمم العظيمة، وفي عظمة هذه الأرزة تفوقت على أشجار جنة عدن جنة الله.

(عد1):
التاريخ المذكور هنا هو أول الشهر الثالث من السنة الحادية عشرة أي بعد التاريخ المذكور في (ص30: 20) بشهرين إلا ستة أيام، الذي أنبأ فيه حزقيال بكسر ذراع فرعون مصر، والتاريخ هنا يرجع إلى شهر يونيه سنة 586 ق.م. قبل سقوط أورشليم بشهرين تقريباً.

(عد 2):
كان على حزقيال النبي أن يخاطب فرعون وجمهوره بسؤال يستهل به تشبيهاً له في عظمته، وبنفس السؤال تقريباً يختتم هذا الإصحاح.

(عد3):
" هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ "
يتمسك البعض بترجمة “ashshar erez” إلى " أرزة عالية " بينما ترجمت هذه الفقرة إلى " هوذا أشور كان أرزاً" (حاشية الكتاب المشوهد) والذين يأخذون بالقراءة الثانية يطبقون ما جاء في وصف تلك الأرزة الغير العادية على أشور التي زالت عظمتها على أيدي البابليين، كمثال لما كان عتيداً أن يحدث لفرعون مصر، ولكن يفضل الكثيرون الأخذ بالقراء الأولى إستناداً إلى ما جاء في (عد18) وتعني عبارة " أَغْبَى الظِّلِّ " كثيف الظل.

(عد4-9):
تأتي هذه الأعداد بأوصاف غير عادية لشجرة أرز جبارة عالمية تُصِوّر بطريقة مجازية كبرياء فرعون وتشامخه.
ومثل هذا التشبيه قد جاء في (دا ص4) الذي وصف فيه نبوخذ نصر بمثل هذه الشجرة، كما ذكر الرب يسوع مثل حبة الخردل التي نمت وصارت شجرة تأتي وتتآوى في أغصانها طيور السماء (مت 13: 31-32)، تشبيهاً لملكوت السموات.
ويشير إرتفاع الأرز (80 قدماً) إلى الكبرياء، والمياه والغمر تشير إلى مياه النيل ( أو نهري دجلة والفرات) ولعل "طيور السماء" (عد6) ترمز إلى الأمم التي خضعت إما لفرعون (أو لأشور).


ثانياً: السقوط نهاية الكبرياء (10-14)
"10لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُكَ وَقَدْ جَعَلَ فَرْعَهُ بَيْنَ الْغُيُومِ وَارْتَفَعَ قَلْبُهُ بِعُلُوِّهِ, 11أَسْلَمْتُهُ إِلَى يَدِ قَوِيِّ الأُمَمِ فَيَفْعَلُ بِهِ فِعْلاً. لِشَرِّهِ طَرَدْتُهُ. 12وَيَسْتَأْصِلُهُ الْغُرَبَاءُ عُتَاةُ الأُمَمِ وَيَتْرُكُونَهُ, فَتَتَسَاقَطُ قُضْبَانُهُ عَلَى الْجِبَالِ وَفِي جَمِيعِ الأَوْدِيَةِ, وَتَنْكَسِرُ قُضْبَانُهُ عِنْدَ كُلِّ أَنْهَارِ الأَرْضِ, وَيَنْزِلُ عَنْ ظِلِّهِ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ وَيَتْرُكُونَهُ. 13عَلَى هَشِيمِهِ تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ, وَجَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَرِّ تَكُونُ عَلَى قُضْبَانِهِ. 14لِكَيْلاَ تَرْتَفِعَ شَجَرَةٌ مَا وَهِيَ عَلَى الْمِيَاهِ لِقَامَتِهَا, وَلاَ تَجْعَلُ فَرْعَهَا بَيْنَ الْغُيُومِ, وَلاَ تَقُومُ بَلُّوطَاتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً, لأَنَّهَا قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعاً إِلَى الْمَوْتِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى فِي وَسَطِ بَنِي آدَمَ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ "

يستخدم النبي بالتبادل ضميري المخاطب والغائب بما يتفق مع مزج الحقيقة بالمجاز، وارتفاع القلب (عد10) يوضح أن المقصود هو تشامخ الروح الذي شبهه بإرتفاع الأرز، و قَوِيِّ الأُمَمِ (عد 11) هو نبوخذ نصر الذي إستخدمه الرب لتنفيذ مقاصده الإلهية.
ويصف العددان (12، 13) نهاية خطية التجبر والكبرياء بسقوط وإندحار أصحابهما، فهم كشجرة الأرز التي كانت في قمة العلو والارتفاع، وقد هوت إلى الأرض فسقطت أغصانها على الجبال وفي الوديان وتحطمت فروعها، وهجرت ظلها كل شعوب الأرض، وعلى حطامها إستقرت طيور السماء، وعلى فروعها ربضت الحيوانات. وفي (عد 14) ينتقل حزقيال من المجاز إلى الحقيقة بإعطاء العبرة والدرس القاسي لكل من يُضرَب بضربة الكبرياء، فينزل إلى الهاوية.


ثالثاً: مصير فرعون وجمهوره (عد15-18)
"15فِي يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ أَقَمْتُ نَوْحاً. كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ وَفَنِيَتِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ, وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ, وَكُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ عَلَيْهِ. 16مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِ أَرْجَفْتُ الأُمَمَ عِنْدَ إِنْزَالِي إِيَّاهُ إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ, فَتَتَعَزَّى فِي الأَرْضِ السُّفْلَى كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ مُخْتَارُ لُبْنَانَ وَخِيَارُهُ كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً. 17هُمْ أَيْضاً نَزَلُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَهُ, إِلَى الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ, وَزَرْعُهُ السَّاكِنُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ فِي وَسَطِ الأُمَمِ. 18مَنْ أَشْبَهْتَ فِي الْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ هَكَذَا بَيْنَ أَشْجَارِ عَدْنٍ؟ سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى, وَتَضْطَجِعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ الْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ. هَذَا فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

تصف هذه الأعداد بعبارات مليئة بالأسى ، ذلك المصير الأليم الذي ينتهي إليه فرعون وأعوانه، فهو ينزل إلى الهاوية بالنوح الذي يعم الطبيعة، ولعل المقصود بعبارة " كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ " انه كما يغطي الباكون رؤوسهم علامة على الحزن، هكذا صار الغمر الذي كان يروي الأرزة يكسوه بالحزن، وعند هبوطه إلى الهاوية "تتعزى كل أشجار عدن" أي تجد الأمم تعزيتها في مشاركة فرعون لها في هبوطها للهاوية وفي عبارة " تَضْطَجِعُ بَيْنَ الْغُلْفِ " تحقير لفرعون لأن المصريين كانوا يمارسون الختان.

الإصحاح الثاني والثلاثون
يشتمل هذا الأصحاح على قسمين يتناولان مرثاتين:
1. مرثاة على نهاية فرعون وإندحاره (عد1-16).
2. مرثاة على هبوط فرعون وجمهوره مع الأمم إلى الجب (عد17-32)

أولاً: مرثاة على هبوط فرعون وإندحاره (عد1-16)
يرجع تاريخ هذه المرثاة إلى ما جاء في ص31 بعشرين شهراً، أي بعد سقوط أورشليم (سنة 586 ق.م.) بثمانية عشر شهراً.
وفي هذه المرثاة نرى:
أ. القضاء على فرعون (عد 1-10).
ب. سيف ملك بابل عليه (عد11-16).
أ. القضاء على فرعون (عد 1-10)

"1وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَقُلْ لَهُ: أَشْبَهْتَ شِبْلَ الأُمَمِ وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ. انْدَفَقْتَ بِأَنْهَارِكَ وَكَدَّرْتَ الْمَاءَ بِرِجْلَيْكَ وَعَكَّرْتَ أَنْهَارَهُمْ. 3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي مَعَ جَمَاعَةِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ, وَهُمْ يُصْعِدُونَكَ فِي مِجْزَفَتِي 4وَأَتْرُكُكَ عَلَى الأَرْضِ وَأَطْرَحُكَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ وَأُقِرُّ عَلَيْكَ كُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ وَأُشْبِعُ مِنْكَ وُحُوشَ الأَرْضِ كُلَّهَا. 5وَأُلْقِي لَحْمَكَ عَلَى الْجِبَالِ, وَأَمْلأُ الأَوْدِيَةَ مِنْ جِيَفِكَ. 6وَأَسْقِي أَرْضَ فَيَضَانِكَ مِنْ دَمِكَ إِلَى الْجِبَالِ, وَتَمْتَلِئُ مِنْكَ الآفَاقُ. 7وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ أَحْجُبُ السَّمَاوَاتِ وَأُظْلِمُ نُجُومَهَا, وَأُغْشِي الشَّمْسَ بِسَحَابٍ, وَالْقَمَرُ لاَ يُضِيءُ ضُوءَهُ. 8وَأُظْلِمُ فَوْقَكَ كُلَّ أَنْوَارِ السَّمَاءِ الْمُنِيرَةِ, وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 9وَأَغُمُّ قُلُوبَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ عِنْدَ إِتْيَانِي بِكَسْرِكَ بَيْنَ الأُمَمِ فِي أَرَاضٍ لَمْ تَعْرِفْهَا. 10وَأُحَيِّرُ مِنْكَ شُعُوباً كَثِيرِينَ, مُلُوكُهُمْ يَقْشَعِرُّونَ عَلَيْكَ اقْشِعْرَاراً عِنْدَمَا أَخْطِرُ بِسَيْفِي قُدَّامَ وُجُوهِهِمْ, فَيَرْجِفُونَ كُلَّ لَحْظَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكَ "

(عد 2):
يُشّبه فرعون بشبل أسد في قوته وجبروته، كما يُشَّبه أيضاً بالتمساح الذي كَدَّر الماء برجليه وعَكَر الأنهار أي أزعج حياة الأمم حوله ويفيد تشبيهه بالأسد والتمساح معاً، أنه فرض قوته براً وبحراً.

(عد 3):
يستخدم الرب جماعة شعوب كثيرة لإصطياد فرعون، كما بشبكة (مجزفة) والشعوب الكثيرة تمثلت في جنود بابل.

(عد 4-6):
يتركه الرب على الأرض ويطرحه على وجه الحقل، أي أنه يفقد قوته كما يفقد السمك حياته بعيداً عن الماء، ويقر عليه كل طيور السماء ويشبع منه وحوش الأرض، أي يصير نهباً للناهبين، ويلقي لحمه على الجبال، ويملأ الأودية من جيفه، أي يصير فريسة لأعدائه، ويسقي الأرض من دم القتلى الذي يرتفع حتى يبلغ الجبال وتمتلئ منه الآفاق ، وهنا إشارة إلى الضربة الأولى التي أجراها الرب على يد موسى (خر 7: 19).

عد (7-8):
يتغير تشبيه فرعون هنا من حيوان بحري إلى "نجم" يطفئه الرب تعبيراً مجازياً عن زوال مجده، ويتبعه في ذلك إظلام النجوم وحجب ضوء الشمس والقمر وكل أنوار السماء، وهذه كلها تشير إلى قوى فرعون، وأصحاب السلطات والحكام من أعوانه الذين تزول عنهم مراكزهم وقوتهم.

(عد9-10):
يشير سقوط فرعون مشاعر الخوف والحيرة لدى الأمم المتاخمة لمصر، إذ يشعرون بدنو سقوطهم ودينونتهم.

ب. سيف ملك بابل عليه (عد11-16)
"11لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: سَيْفُ مَلِكِ بَابِلَ يَأْتِي عَلَيْكَ. 12بِسُيُوفِ الْجَبَابِرَةِ أُسْقِطُ جُمْهُورَكَ. كُلُّهُمْ عُتَاةُ الأُمَمِ فَيَسْلُبُونَ كِبْرِيَاءَ مِصْرَ وَيَهْلِكُ كُلُّ جُمْهُورِهَا. 13وَأُبِيدُ جَمِيعَ بَهَائِمِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ, فَلاَ تُكَدِّرُهَا مِنْ بَعْدُ رِجْلُ إِنْسَانٍ, وَلاَ تُعَكِّرُهَا أَظْلاَفُ بَهِيمَةٍ. 14حِينَئِذٍ أُنْضِبُ مِيَاهَهُمْ وَأُجْرِي أَنْهَارَهُمْ كَالزَّيْتِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 15حِينَ أَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خَرَاباً, وَتَخْلُو الأَرْضُ مِنْ مِلْئِهَا. عِنْدَ ضَرْبِي جَمِيعَ سُكَّانِهَا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 16هَذِهِ مَرْثَاةٌ يَرْثُونَ بِهَا. بَنَاتُ الأُمَمِ تَرْثُو بِهَا. عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ جُمْهُورِهَا تَرْثُو بِهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

كما أنبأ أرميا بأن ملك بابل سيكون عصا الرب لتأديب فرعون (46: 26) هكذا يخبر حزقيال بذلك فينتزعون كبرياء مصر، ويهلكون جمهورها، وبهائمها فلا يعود يوجد ما يعكر مياهها، فتصير مياههم صافية وأنهارهم تجري بنعومة الزيت، وحينئذ يسمع صوت الرثاء والنوح على مصر في كل مكان.


ثانياً: مرثاة على هبوط فرعون وجمهوره مع الأمم إلى الجب
(عد17-32)
" 17وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ فِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 18يَا ابْنَ آدَمَ, وَلْوِلْ عَلَى جُمْهُورِ مِصْرَ وَأَحْدِرْهُ هُوَ وَبَنَاتِ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 19مِمَّنْ نَعِمْتَ أَكْثَرَ؟ انْزِلْ وَاضْطَجِعْ مَعَ الْغُلْفِ. 20يَسْقُطُونَ فِي وَسَطِ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. قَدْ أُسْلِمَ السَّيْفُ. أَمْسِكُوهَا مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. 21يُكَلِّمُهُ أَقْوِيَاءُ الْجَبَابِرَةِ مِنْ وَسَطِ الْهَاوِيَةِ مَعَ أَعْوَانِهِ. قَدْ نَزَلُوا. اضْطَجَعُوا غُلْفاً قَتْلَى بِالسَّيْفِ. 22هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ. 23اَلَّذِينَ جُعِلَتْ قُبُورُهُمْ فِي أَسَافِلِ الْجُبِّ وَجَمَاعَتُهَا حَوْلَ قَبْرِهَا, كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْباً فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 24هُنَاكَ عِيلاَمُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا حَوْلَ قَبْرِهَا, كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ هَبَطُوا غُلْفاً إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى, الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. فَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 25قَدْ جَعَلُوا لَهَا مَضْجَعاً بَيْنَ الْقَتْلَى مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهُمْ كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ, مَعَ أَنَّهُ قَدْ جُعِلَ رُعْبُهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. قَدْ حَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. قَدْ جُعِلَ فِي وَسَطِ الْقَتْلَى. 26هُنَاكَ مَاشِكُ وَتُوبَالُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهَا. كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ, مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 27وَلاَ يَضْطَجِعُونَ مَعَ الْجَبَابِرَةِ السَّاقِطِينَ مِنَ الْغُلْفِ النَّازِلِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِمْ, وَقَدْ وُضِعَتْ سُيُوفُهُمْ تَحْتَ رُؤُوسِهِمْ, فَتَكُونُ آثَامُهُمْ عَلَى عِظَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ رُعْبُ الْجَبَابِرَةِ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 28أَمَّا أَنْتَ فَفِي وَسَطِ الْغُلْفِ تَنْكَسِرُ وَتَضْطَجِعُ مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. 29هُنَاكَ أَدُومُ وَمُلُوكُهَا وَكُلُّ رُؤَسَائِهَا الَّذِينَ مَعَ جَبَرُوتِهِمْ قَدْ أُلْقُوا مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ, فَيَضْطَجِعُونَ مَعَ الْغُلْفِ وَمَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 30هُنَاكَ أُمَرَاءُ الشِّمَالِ كُلُّهُمْ وَجَمِيعُ الصَّيْدُونِيِّينَ الْهَابِطِينَ مَعَ الْقَتْلَى بِرُعْبِهِمْ, خَزُوا مِنْ جَبَرُوتِهِمْ وَاضْطَجَعُوا غُلْفاً مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ, وَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ إِلَى الْجُبِّ. 31يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى عَنْ كُلِّ جُمْهُورِهِ. فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ قَتْلَى بِالسَّيْفِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 32لأَنِّي جَعَلْتُ رُعْبَهُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ, فَيُضْجَعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ, فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

جاءت هذه المرثاة بعد إسبوعين من سابقتها، وفيها تُذكَر أمم أخرى كان مصيرها الخراب الشامل، الذي كان عتيداً أن يحدث لبلاد فرعون، والتعبير المتكرر عن مصير هذه الأمم و فرعون و جمهوره هو " الهبوط إلى الجب – أى الهاوية " و هذه الأمم هي:
- أشور: كانت قد زالت إمبراطوريتها على أيدي نبوخذ نصر.
- عيلام: وهي بلاد فارس قديماً وكان قد سبق خرابها على يد نبوخذ نصر.
- ماشك وتوبال: وكانتا متاخمتين للبحر الأسود وقد هزمت جيوشهما أمام جيوش نبوخذ نصر، ثم ذابتا في الإمبراطورية الروسية.
- أدوم وصيدون: وقد سبق التنبوء والكلام عنهما.

فى البدء خلق الله السموات والأرض

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  5:13 م
فى البدء خلق الله السموات والأرض

البدء الله السموات والأرض


في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه

سفر التكوين وهو السفر الاول الذي يبدأ بجملة( في البدء) التي لها علاقة في بداية انجيل يوحنا (فى البدء كان الكلمة) والسفر الخامس من اسفار موسى الخمسة

بدأ سفر التكوين بهذه الأفتتاحية البسيطة :
" فى البدء خلق الله السموات والأرض " ع 1
إن كان التعبير " فى البدء " لا يعنى زمنا معينا ، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد ، حيث لم تكن توجد الكواكب بنظمها الدقيقة ، لكنه يعنى أن العالم المادى له بداية وليس كما أدعى بعض الفلاسفة أنه أزلى ، يشارك الله فى أزليته .
عندما سأل اليهود السيد المسيح : من أنت ؟ أجابهم : " أنا هو البدء " ( يو 8 : 25 ) . هكذا فى البدء خلق الله السموات والأرض . + من هو بدء كل شىء إلا ربنا ومخلص جميع الناس ( 1 تى 4 : 10 ) يسوع المسيح ، : " بكر كل خليقة " ( كو 1 : 15 ) ؟ وكما يقول الأنجيلى يوحنا فى بداية إنجيله : " فى البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ، هذا كان فى البدء عند الله ، كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان " ( يو 1 : 1 – 3 ) .


فالكتاب لم يتحدث عن بداية زمنية ، إنما عن هذه البداية التى هى المخلص ، إذ به صنعت السموات والأرض

سبعة تطويبات في سفر الرؤيا

نشر من قبل Unknown  |  in دراسة الكتاب المقدس  5:11 م
سبعة تطويبات في سفر الرؤيا



سبعة تطويبات الرؤيا

مقدمة: السفر الذي يعلن غلبة الله النهائية المطلقة علي كل أعدائه ، لذلك هو الوحيد في كل أسفار الوحي الذي يسمي "بالنبوة" ص 3:1 و 22: 7و10و18و19 و الوحيد في كل أسفار الوحي الذي يأتي فيه التطويبات 7 مرات لمن يقرأ و من يسمع أقوال النبوة. ومع انه سفر قضائي يعلن غضب الله المركزة في أسبوع الضيقة الأخير، لكن نسمع فيه ترنيمات متوالية من القديسين الممجدين في السماء مع عريسنا و رأسنا المعبود يسوع المسيح.



التطويب الأولص 1: 3 "طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة و يحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب"

أولا: لأن من أول الموحي و خلال الأسفار المقدسة تري أن السقوط جاء بالنظر أي بالعين و هكذا العدو أثار الشهوة و الشهوة إذا حبلت تلد خطية و الخطية إذا كملت تنتج موتا (يع1: 15) و من آثار إثارة الشهوة يأتي احتقار الكلمة أو علي الأقل خروج النفس من تحت تأثير الخضوع الكامل لها. لذلك قصد الله الكلي الحكمة المنزه عن الخطأ أن يكون الخلاص عن طريق سماع الكلمة و الارتعاد أمامها و قبولها "كما هي بالحقيقة ككلمة الله" تس 2: 13 "يسمع الأمم كلمة الإنجيل و يؤمنون و الله العارف القلوب شهد لهم معطيا لهم الروح القدس" أع15: 7 "وإلى هذا المسكين والمنسحق الروح و المرتعد من كلامي" اش 66: 2 "شكرا لله أنكم كنتم عبيد الخطية و لكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها و إذا عتقتم من الخطية صرتم عبيدا للبر" رو 6: 17

ثانيا: سماع كلمة نبوة هذا السفر يجعلنا نتأمل في مناظر مجيدة للرب يسوع قد لا نجد نظيرها في باقي أسفار الوحي و هكذا تمتلئ قلوبنا بالفرح فيه و يتم قوله البارك "ذلك يمجدني لأنه يأخذ مما لي و يخبركم" يو16: 14. مثلا تحدي الملاك القوي بصوت عظيم مناديا "من هو مستحق أن يفتح السفر و يفك ختومه فلم يستطع أحدا في السماء و لا علي الأرض و لا تحت الأرض أن يفتح السفر و لا أن ينظر إليه".."فقال لي واحد من الشيوخ لا تبك هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا اصل داود ليفتح السفر و يفك ختومه السبعة" رؤ 5: 2و3و5

ثم المنظر التالي مباشرة : (رؤ5: 6) "ورأيت فإذا في وسط العرش و الحيوانات الأربعة و في وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح.. ولما اخذ السفر خرّت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب ...وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق أنت (هذا طبعا موجه لربنا المحبوب المعبود) أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا للّه بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة.. ثم المنظر التالي أيضا رؤ 5: 11 "ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش ...وكان عددهم ربوات ربوات ألوف ألوف (ملايين الملايين) قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة powerالغنى والحكمة والقوةstrengthوالكرامة والمجد والبركة." و هكذا كلما نتقدم في هذا السفر نجد أمجاده الساطعة التي ترفع قلوبنا فوق كل منظور .

ثالثا: في هذا السفر النبوي نسمع عن مناظر غضب الله العظيم القادم بكل يقين على كل المسكونة و هذا يجعلنا نعظم محبة الله لنا و نعمته الغنية جداً من جهتنا و هكذا تهون كثيرا كل صعوبات الطريق.

رابعا: يرسخ في قلوبنا مناظر الانتصار النهائي و هكذا تشتاق قلوبنا لتلك اللحظة و يتم فينا تحرض الروح القدس "منتظرين و طالبين سرعة مجيء يوم الرب" 2بط 3: 12

خامسا: الجو المهيمن في كل السفر يجعلنا اكثر جدية في السير مع الرب و في تعاملنا مع النفوس التي حولنا التي تنتظرها هذه الأمور الرهيبة إن لم ترجع للرب.

سادساً: نسمع في هذا السفر عن مواعيد الرب السبعة للغالبين و هي كلها للمؤمنين الحقيقيين و لا شيء منها للمعترفين و هذا يشجعنا كثيراً على حياة التدقيق التي بها نحصل علي الغلبة العملية المفرحة لقلب الرب و لقلوبنا.

سابعاً: هو السفر الوحيد الذي يحدثنا عن البهجة الغامرة لعرس الخروف و المشهد الوحيد لأربعة مرات هللويا في العهد الجديد المرتبط بالعرس و كم هذا يشوق قلوبنا و نقول من أعماق القلب و علي الدوام" أمين تعال أيها الرب يسوع"



التطويب الثاني: ص 14: 13 " وسمعت صوتا من السماء قائلا لي اكتب طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن.نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم.و أعمالهم تتبعهم" (شرح هذا التطويب مقتبس بتصرف من شرح الرؤيا لخادم الرب ناشد حنا)

تتكرر كلمة "اكتب" 12 مرة في سفر الرؤيا للتنبيه إلي أهمية الأمور التي يطلب من الرائي كتابتها. المؤمنون الذين تنتهي حياتهم قبل الاختطاف لهم هذه الصفات :

الأولى: "الأموات في المسيح" (1 تس 4: 16) هذا وصف مقامهم أمام الله لأن الإنسان بالولادة من فوق يصبح إنسان في المسيح" (2 كو 5: 17 و 2 كو 12: 2) له ذات كمال المسيح وذات قبول المسيح بل هو لابس المسيح (1 يو 4: 17 و غل 3: 26 )

الثانية: "الراقدون بيسوع" (1 تس 4: 14) قديسو الرب يسوع هم في يديه في الحياة و الموت و عندما يترك المؤمنون أجسادهم جانبا فذلك بمعرفة سيدهم أي أن الرب يسوع هو الذي يسلمهم للرقاد مثل الأم التي ترضع طفلها على ركبتيها بكل حنان حتى ينام – كذلك الرب يسوع يجعلهم ينامون و يستريحون إلى صباح يوم القيامة المجيد عندما يوقظهم بسماع صوته ليأخذهم إليه بالأجساد الممجدة. لذلك نلاحظ أيضا قوله"سيحضرهم الله أيضا معه" في ذات ع 14 و لم يقل سيأخذهم لان هذا سبق و تم في القيامة، أما هنا في ع 14 يتكلم عن الظهور للملك و هذا بعد القيامة بسبع سنين.

الثالثة : "في الإيمان" (عب 11: 13) في ذات الإيمان المقدس لهم (فصلهم عن العالم) أمام الناس (و بررهم أمام الله) في ذات الإيمان إلى لحظة انطلاق أرواحهم، بدون أقل شك في وعد واحد من مواعيد الله الأبدية و مع انهم لم ينالوها لكن من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض.

الرابعة: "في الرب" (رؤ 14: 13) إعلان التطويب للذين يموتون في الرب في ذلك الوقت بالذات هو لأجل تشجيعهم و لكي يطمئنهم بأنهم لم يخسروا نصيبهم في الملك بموتهم بل سيشتركون في الملك لا كرعايا لكن كملوك مع المسيح.

صحيح أن الذين يموتون في الرب (أي تحت راية ربوبية ربنا المعبود يسوع المسيح في كل تفصيلات حياتهم) في أي وقت من الأوقات هم مطوبون أي لهم الغبطة و السعادة لأنهم ينطلقون ليكونوا مع المسيح ذاك أفضل جداً (في 1: 21)

لكن الإشارة "منذ الأن" أي في وقت اضطهاد الوحش و النبي الكذاب لذلك يقول يستريحون من أتعابهم، أتعاب لم يكن لها نظير في كل التاريخ.

و ما أروع الإعلان "وأعمالهم تتبعهم" وما الذي يسبقهم أي يفتح الطريق أمامهم للدخول إلي بيت الأب؟! ليس إلا الرب يسوع ودمه الكريم شكراً له من كل القلب.

التطويب الثالث رؤ16: 15 "ها أنا آتي كلص.طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عريانا فيروا عورته." هذا التحريض علي القداسة العملية لمؤمني ذلك الوقت الرهيب عندما تتجمع الملوك و الشعوب بواسطة العوامل الشيطانية التي ستفاجأ في لحظة نجاحها الظاهري بظهور رب المجد (1تس 5: 2و3) ويكون العالم غارقاً في سبات عميق و ظلمة أدبية رهيبة، و حينئذ يفاجئهم الهلاك بغتة "على غير انتظار كاللص في الليل. وهذا الوجه من مجيء الرب ليس هو رجاؤنا كما انه لا يخيفنالأننا لسنا من ليل ولا ظلمة لأنه سيأتي لنا ككوب الصبح المنير. و لذلك نجد هنا كلمة تحذير لازمة لكل وقت ولا سيما للحظة ظهور الرب. فالمؤمن الذي يسهر ويحفظ ثيابه هو مطوّب دائماً،لأنه متمتع بالشركة العميقة مع الرب و حياته في الداخل و الخارج في اثر خطوات الرب (يو12: 26 و 1بط2: 21 و عب 12: 14) بل و حياته مملوءة بمعجزات الرب "تقدسوا لان الرب يعمل غدا في وسطكم عجائب." ليست المسألة هنا الخلاص و نوال الحياة الأبدية لأن هذا أمر مقرر في كل الوحي أنه لا دخل للأعمال فيه إطلاقاً، لكن المقصود التدقيق في السلوك و ما أحوجنا أن نتنبه إلي سلوكنا لئلا ننكشف أمام الأعداء فيروا عريتنا وما سجله الوحي عن سقطات رجال الله العظام مثل داود الملك هو عظة و عبرة لنا.

التطويب الرابع: رؤ 19: 9 "طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الخروف."

هؤلاء هم مؤمنو العهد القديم الذين امتلأت بهم صفحة بطولة الإيمان. لقد تمجد الله فيهم و بهم عبر العهد القديم كله قبل مجيء ربنا المعبود رئيس الإيمان و مكمله. و قد وصفهم الرسول بسحابة الشهود و هو تعبير يدل على عدد القديسين الهائل الذي لا يستطيع إنسان أن يعده أو يحصره. إن عيوننا لا تستقر على كثيرين بل واحد، شكرا لله ليس على الجيش بل على القائد، ليس على الخدام بل على السيد لأنه هو الأصل و النبع الذي منه صدر كل الإيمان (عب 12: 2)

وفي رؤ 19: 9 نجد التمييز واضحا بين العروس و المدعوين للعرس. و إذا كان المدعوون مطوبين فماذا تكون العروس؟ إن المدعوين يتناولون من عشاء العرس و يفرحون، أما العروس فبركاتها من أسمى نوع و علاقتها بالعريس أوثق علاقة "العروس امرأة الخروف" و المدعوون ينطبق عليهم الوصف الذي وصف به يوحنا المعمدان نفسه "صديق العريس" (يو3: 29)

التطويب الخامس: رؤ 20: 6 "مبارك (مغبوط و مطوب) ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى." أي مجيء ربنا المعبود لقيامة الراقدين و نحن الأحياء نتغير في لحظة في طرفة عين لملاقاة الرب في الهواء. و كل من له نصيب في القيامة ليس للموت الثاني سلطان عليهم. و الموت الثاني هو الطرح في بحيرة النار و هذه القيامة لها أسماء تعبر عن صفات هؤلاء المقامين.

أولاً: قيامة الأبرار: لو 14: 14 (مز1: 5) أي أنهم حصلوا على بر الله بالإيمان بربنا يسوع "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان" (رو 3: 24)

ثانياً: قيامة الحياة (يو 5: 29) أي انهم حصلوا على الحياة الأبدية بالإيمان بالرب يسوع (يو 3: 36)

ثالثاً: من الأموات (لو 20: 35 و مر 9: 9) أو القيامة من بين الأموات: الرب يسوع في صليبه قسم العالم إلى فريقين "فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة و أما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله."( 1كو : 18) و لكن في إقامة الراقدين سيقسم القبور إلى قسمين الأول هم أحباءه المفديين بدمه و الثاني هم غير المفديين ستظل أجسادهم في القبور إلى ما بعد الملك الألفي حيث تزول السماء و الأرض و حينئذ يقام القسم الثاني الأموات بالذنوب و الخطايا و سيُعطوا أجسادً معدة للبحيرة المتقدة بالنار و الكبريت و سيقفوا أمام العرش العظيم الأبيض للدينونة بحسب كل ما فعلوا (رؤ 20: 11)

رابعاً: القيامة الأولى (رؤ 20: 6) و هي قيامة قديسي العهد القديم و العهد الجديد الراقدين و هي تسبق قيامة الأشرار بألف سنة و سبعة سنين.

خامساً: القيامة الأفضل (عب 11: 35) ولا مجال للمقارنة بين القيامتين الأولى و لها كل هذه الصفات المباركة و القيامة الثانية للوقوف أمام العرش العظيم الأبيض.

التطويب السادس : رؤ 22: 7 "ها أنا آتي سريعا.طوبى لمن يحفظ أقوال نبوة هذا الكتاب"

هنا نسمع صوت الرب يسوع نفسه يعلن عن سرعة مجيئه و يتكرر هذا ثلاث مرات في هذا الإصحاح كل مرة بمناسبة خاصة ع 7و12و20 و في المرات الثلاث ترد كلمةسريعا، دلالة على قرب تحقيق الرجاء المبارك و في هذه المرة يقترن الإعلان بالطوبى لمن يحفظ نبوة هذا الكتاب و هكذا تتكرر في خاتمة السفر الطوبى كما جاءت في البداءة و ترد كلمة كتاب سبع مرات في هذا الفصل الختامي من السفر (ع 7 و 9و 10و 18مرتين و19 مرتين) دليلاً على كمال الكتاب فلا شيء يزاد عليه و لا شيء ينقص منه. و المقصود "يحفظ نبوة هذا الكتاب" هو اكتنازها في القلب و التمسك بها و العمل بموجبها "طوبى للكاملين طريقا السالكين في شريعة الرب. طوبى لحافظي شهاداته.من كل قلوبهم يطلبونه." (مز 119: 1و2) (انظر سباعية المزامير التي تبدأ بالتطويب و هي تحكي قصة النعمة في هذا الجزء الثاني من "درر من كلمة الله").

التطويب السابع: رؤ 22: 14 "طوبى للذين يغسلون ثيابهم ليكون لهم المؤهل إلى شجرة الحياة" (ترجمة يوحنا داربي) أولاً تطويب الذين هو لهم الألف و الياء ع 13. و كيف صار ذلك لأنهم غسُلوا بدم الحمل و هكذا صار لهم التمتع به كشجرة الحياة أي قمة الغبطة و السعادة و يُكَونون المدينة السماوية أورشليم الجديدة الذي سروره أن يكون هو وسطها.



الدكتور مراد امين

Blogger Template By: Bloggertheme9